الجيل الثالث للمبادرة (2023/2019) بقلم سعيد الخاتيري

بقلم سعيد الخاتيري

منذ انطلاقها في 18 ماي 2005 ظلت رئاسة اللجان المحلية للتنمية البشرية في يد رؤساء الجماعات الترابية الحضرية و القروية، و خلال طول هذه المدة عرفت العديد من اللجان تعثرا و ظل الهاجس السياسي حاضرا بقوة لدى الكثير من الرؤساء و المنتخبين مما أضاع الكتير من الوقت و الإمكانيات و أدى إلى تعثر عدة مشاريع و ارتفاع الإحتقان بين الفاعلين المدني و السياسي … كما أن اختيار أعضاء اللجنة المحلية كان يتم عبر المحاباة أو القرابة عوض الكفاءة و التخصص .

و قد جاء الجيل الثالث للمبادرة (2023/2019) لينقل رئاسة اللجان المحلية إلى الباشاوات على صعيد المدن و للقواد على صعيد القيادات بالنسبة للعالم القروي رغبة من المنسقية الوطنية للمبادرة في إعطاء نفس جديد لمرحلة ثالثة ترتكز على حكامة متجددة لتحقيق الهدف المنشود و المكمل للمراحل الأولى و الثانية .
و إذا كانت هذه الهيكلة الجديدة قد أزعجت بعض الفاعلين السياسيين فإنها في المقابل خلقت نوعا من الإرتياح و التطلع للأفضل لدى المجتمع المدني و باقي الشركاء . كما أن منح رئاسة اللجان المحلية لرجال السلطة سيضفي روح المسؤولية و الإلتزام الرسمي خلال الإجتماعات المتعلقة بدراسة المشاريع المقدمة و التزام الحياد في الحسم فيها.

و قد جاءت هذه المرحلة الثالثة برؤية جديدة و مدققة محددة المجالات التي ينبغي الإشتغال عليها و في مقدمتها التربية و التعليم و الشغل من خلال دعم المبادرات الشبابية و تشجيع المقاولات و التفكير في الرأسمال البشري الذي يعتبر محور نجاح المبادرة.
كما تهدف بالأساس إلى ترسيخ قيم العدالة الإجتماعية، و الكرامة، و استشراف المستقبل و زرع الأمل و ذلك باعتماد مقاربة شمولية، ترتكز على أربعة برامج متناسقة و متكاملة تضمن إسهام كل الفاعلين في المجال الإجتماعي و ذلك عبر :

* 1: برنامج تدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية، و الخدمات الأساسية، بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا :
و يهدف إلى تحصين مكتسبات المرحلتين الأولى و الثانية مع مواصلة العمل على تدارك جزء من العجز المسجل حسب مؤشرات خريطة الفقر المتعددة الأبعاد فيما يخص الولوج للبنيات التحتية و الخدمات الأساسية.
كما ستهم تدخلات هذا البرنامج خمسة محاور ذات أولوية تتمثل في الصحة و التعليم و الكهربة القروية و التزويد بالماء الصالح للشرب بالإضافة إلى إنجاز الطرق و المسالك القروية و المنشآت…
* 2: برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشة :
و يهم بالأساس تعزيز و توسيع نطاق التدخلات التي باشرتها المبادرة الوطنية خلال المرحلتين الأولى و الثانية لفائدة مختلف فئات الأشخاص في وضعية هشة هذا مع العمل في إطار شبكات من الجمعيات الرائدة في مجال تخصصها، بهدف نشر قواعد الممارسات الجيدة و الإرتقاء بجودة الخدمات.
و ستشمل تدخلات هذا البرنامج إحدى عشرة فئة ذات أولوية من الأشخاص الذين يوجدون في وضعية هشة، و ذلك بالعمل على مستوى ثلاثة محاور أساسية :
مساعدة خمس فئات من الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة و المرضى و المسنين المفتقرين للموارد .
دعم إعادة الإدماج السوسيو-اقتصادي لأربع فئات تضم النساء في وضعية هشة، و السجناء السابقين بدون موارد، و المتسولين و المتشردين، و المدمنين .
حماية فئتين من الأطفال و الشباب، و هما الأطفال المتخلى عنهم، و أطفال الشوارع و الشباب بدون مأوى .
* 3: برنامج تحسين الدخل، و الإدماج الإقتصادي للشباب :
و يهدف بالأساس توفير الدخل و خلق فرص عمل للشباب و ذلك من خلال الإشتغال على دعائم أساسية تتمثل في :
الإهتمام بالعنصر البشري من خلال اعتماد إجراءات دعم التكوين و المواكبة بهدف إدماج المقاولين و حاملي المشاريع، مع اعتماد خارطة طريق للتنمية الإقتصادية المحلية بهدف تطوير الأنشطة الإقتصادية و تيسير الإدماج السوسيو-اقتصادي للشباب و ذلك عبر تفعيل آليات الوساطة و التعاون على مستوى الجهة أو في إطار الشراكة ما بين الجهات مع وضع البنيات و الآليات المنهجية الملائمة لذلك و ضمان انخراط مختلف الفاعلين من القطاعين العام و الخاص و المجتمع المدني على الصعيد المحلي مع تحديد المشاريع ذات الوقع الإيجابي من خلال تحليل البنية الهيكلية للسلاسل ذات القيمة قصد الإشتغال على الفرص الإستثمارية القابلة للإستغلال مع دعم تمويل المقاولات الصغرى جدا و تسهيل ولوجها للأسواق .
* 4 : برنامج الدعم الموجه للتنمية البشرية للأجيال الصاعدة :
و يهم الدعم الموجه للتنمية البشرية للأجيال الصاعدة، فيعتبر لبنة جديدة في بناء صرح المنظومة المندمجة للتنمية المستدامة، يهدف بالأساس إلى التصدي بطريقة استباقية لأحد الأسباب الرئيسية للتأخر الحاصل في مجال التنمية البشرية، و ذلك عبر الإستثمار في الرأسمال البشري منذ المراحل المبكرة للفرد، و ذلك بتركيز تدخلات المبادرة على محورين جوهريين :
– محور تنمية الطفولة المبكرة، باعتباره مرحلة حاسمة في حياة الفرد، و سيتم في إطاره استهداف النساء الحوامل و المرضعات و كذا الأطفال أقل من 6 سنوات المنحدرين من الأوساط الفقيرة و المعوزة .
– محور مواكبة الطفولة و الشباب، و الذي يستهدف الأطفال في سن التمدرس و الشباب بعد التمدرس .
* خلاصة لابد منها :

تبقى الإمكانيات البشرية و المالية المرصودة للمبادرة جد مهمة و إذا ما تم استغلالها بشكل جيد و محكم و مسؤول فإن النتائج سيكون لها وقع إيجابي لحل العديد من المشاكل المتعلقة بالفقر و الهشاشة و إيجاد فرص شغل قادرة على استيعاب العدد المهول من العاطلين .