أحمد فرج الروماني طنجة المشهدية تكرم الباحث والكاتب المسرحي عبد الكريم برشيد في دورتها 17
عبدالحق خرباش.. 29.11.2021
أحمد فرج الروماني
طنجة المشهدية تكرم الباحث والكاتب المسرحي عبد الكريم برشيد في دورتها 17
عبر المؤلف المسرحي رضوان احدادو وهو يقدم ضيف شرف طنجة المشهدية مساء أمس الأحد الباحث والمبدع المسرحي عبد الكريم برشيد عن صعوبة تقديم مبدع تقدمه مسبقا إسهاماته الكبيرة في الحقل المسرحي تنظيرا وإبداعا، وقال في معرض كلمته “أننا اليوم، في هذا التكريم، أمام أحد أهراماتنا المسرحية الراسخة بشموخها، أمام كاتب هو روح الكتابة المسرحية عربيا، أمام صاحب قناعة ثابتة ومبدأ راسخ متجذر موغل في التربة، متعال وسامق.. هكذا عرفته، وهكذا أرفه”.. واستحضر رضوان احدادو في معرض حديثه عن عبد الكريم برشيد التقاءه في وقت مبكر بالمحتفى به في مهرجانات مسرح الهواة “المأسوف على بيعه وتهجيره” على حد تعبيره، مسترجعا لحظات ميلاد الشغف المسرحي الذي جمعهما منذ سبعينيات القرن الماضي، وكيف تطورت هذه العلاقة لتثمر أعمالا مشتركة في محفلين اثنين. وأضاف قائلا: “عبد الكريم برشيد، رجل يعيش مسرحا، يتنفس مسرحا، يخطو مسرحا، يلهث مسرحا، ينام ويصحو مسرحا… بسخاء باذخ أعطى لهذا المسرح الذي عشقناه جميعا من الماء إلى الماء العنوان الجديد والدم الجديد، والأمل الجديد.. لم يكتب عبد الكريم المسرح نزوة أو غرورا، ولا لأنه أراد أن يكتبه، ولا لملء الفراغات أو رغبة في الوصول أو الحصول، وإنما عن إيمان وحب راسخين، من منطلق أن الحياة الحياة هي المسرح، فالمسرح عنده حياة والحياة مسرح، والاحتفال جوهرهما معا”.
عن جانبه، عبر الدكتور محمد النوالي في كلمته، تحدث عن مشروع الاحتفالية ومنجز عبد الكريم برشيد عموما، على الرغم من أن منجزه وبياناتها التنظيرية للاحتفالية قد كتب عنهما الكثير ـ على حد تعبير النوالي ـ وعلى الرغم من أن المحتفى به نفسه كتب ونظر للاحتفالية منذ البيان الأول سنة 1975، ليتساءل المتدخل مستدركا: “هل أغلقت دائرة البحث حول الاحتفالية وحول ما كتبه عبد الكريم برشيد ليصبح بمقتضى ذلك من الماضي؟ وهل قيل كل شيء في حقها وحق المحتفى به؟ أم أن هناك رؤى جديدة حول منجزه خارج التحديدات المعروفة التي سيجته في عبارات صارت لرواجها مكررة ومسكوكة، حتى أنها فقدت بريقها”. وأضاف النوالي قائلا: “إذا كان من اللازم إعادة النظر في قراءة منجز الاحتفالية، لكونها كما يقر صاحبها، قبل أن تكون أدبية وفنية وتقنية، فهي حركة اجتماعية ذات ظلال سياسية، وظاهرة أيضا.. وكما يؤكد، فإن من يدرس هذه الاحتفالية، أو أي الحركات الأخرى، فإن لابد له وأن يصبح مؤرخا، ولا بد له أن يصير، من حيث يدري أو لا يدري باحث في علم الاجتماع المسرحي. وعليه، يلزمنا هذا المشروع مراجعة بعض أحكاما التي كوناها عليه وعلى صاحبها، وأن نستمع إليه من جديد من خلال صوته المباشر، ومن خلال أصوات الشخصيات التي تتكلم في نصوصه والتي تعبر عنه وعن مشروعه بشكل أبلغ، لأنها شخصيات يلبسها وتلبسه، مقنعة تارة وصريحة تارة أخرى..، وقد نجد فيها بعض مما نود قوله، أو بعضا مما نحب أن نفكر فيه، كما أنها قد تخرق أفق انتظاراتنا أو تستجيب لها.. شخصيات تحقق التواؤم بين شعرية الأدب وشعرية المسرح، أدواتها بينة لا تخطئها العين ولا الحس..”. ليواصل الدكتور النوالي النبش في شخوص النصوص المسرحية لعبد الكريم برشيد، محاولة منه إعادة استنطاق المشروع الاحتفالي لعبد الكريم برشيد، واستكشاف خباياه التي لم يسبق الخوض فيها مسبقا.
عبد الكريم برشيد، في كلمته، عبر خالص شكره للمركز الدولي لدراسات الفرجة على التفاته الطيبة لشخصه، مستحضرا كلمة للإمام علي بن أبي “ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه”، وأضاف “وأنا لم أطلب إلا الحق والجمال والنور، وخاصمت الظلم والقبح والظالمين، لهذا آمنت منذ البداية بأن الأساس في المسرح كونه رؤية للعالم، لذلك كبار المسرحيين في العالم هم من كبار المنظرين…، وكبار المبدعين هم من يملكون رؤية خاصة للعالم “. وفي معرض حديثه، أشار برشيد إلى أنه منذ بدأ النبش في المعرفة، عرف أن الكاتب والمبدع يُعرف بأساتذته، حيث كان يقال أن فلان أخذ العلم عن فلان، وأنه تعلم الشعر عن فلان، لذلك يجب علينا أن نهتم بأساتذتنا، فأنا عندما فتحت عيني على المسرح وجدت الطيب الصديقي، وأحمد الطيب العلج، وسعيد عفيفي، وفريد بنمبارك، وحسن الصقلي.. كل هذه الأسماء الكبيرة تعلمت منها، طبعا لم أدخل المسرح مباشرة، ولكن مررت بمراحل متعددة، كانت جدتي حكواتية وكنت آخذ منها، وكان والدي حكواتيا، وكان في نظري منبع العلم وقمته، وفتحت عيني على الحكواتيين الشعبيين في الأسواق، لذلك كنت ألفت مسرحية أسميتها الحكواتي الأخير، وهي عن حْلايقي شعبي بمينة فاس يسمى الحربة، واعتبرته من أساتذتي…”
وفي معرض حديثه، قال عبد الكريم برشيد، أنه علينا أن نؤمن بأن المسرح إلى جانب كونه رؤية وخطاب ورسالة، أنه أيضا مشروع، لذلك ينبغي لكل كتاب أنه يكون له مشروع مستمر في الزمن، وأن تكون لديه أهداف متوسطة المدى وبعيدة المدى، مستحضرا مثال غاليلي الذي هزمته الكنيسة، مشيرا إلى أن أي صاحب مشروع يستسلم وينهزم سيكون مثل غاليلي.
عرج برشيد على عدة محاور خلال جلسة الماستر كلاس الخاص به، حول المسرح والكتابة للمسرح والفنان، وأيضا عن الاحتفالية وما ألحقت به من اتهامات سافرة، مشيرا إلى أنه لا يجب علينا أن نختزل العالم في اتجاه، أو حزب، أو تصور، وأنه لا يمكن أن نسكب المحيط في فنجان، لذلك علينا أن ندافع على قناعاتنا ما دمنا مؤمنين أننا على حق إلى حين أن يأتي من يستطيع إقناعنا بأننا على باطل فنتوب.
أحمد فرج الروماني