ارتفاع عدد ضحايا مجزرة الكرادة إلى أكثر من 200 قتيل
ا تخذت الحكومة العراقية قرارات أمنية شملت تغييراً في الخطط ومحاسبة ضباط، على خلفية التفجير الإرهابي الذي ضرب منطقة الكرادة في قلب بغداد، وخلف مئات القتلى والجرحى، فيما لا تزال عشرات الجثث موجودة تحت الأنقاض.
وبدأ العراق الاثنين حداداً وطنياً يستمر ثلاثة أيام على أرواح ضحايا التفجير الانتحاري الذي نفذه «داعش» في حي الكرادة المكتظ في بغداد فجر الأحد وأسفر عن سقوط 213 قتيلاً على الأقل.
وكان التفجير الإرهابي من أكثر الاعتداءات دموية في العراق، وجاء بعد أسبوع على استعادة الجيش السيطرة على الفلوجة، معقل الإرهابيين الواقع على بعد 50 كلم غرب بغداد. واستهدف حي الكرادة الذي كان يعج بالمتسوقين قبيل عيد الفطر، وأثار غضب العراقيين من عدم تمكن الحكومة من الحفاظ على الأمن، ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى إعلان تعديلات في الإجراءات الأمنية. كما أعلن الحداد الوطني ثلاثة أيام، وتعهد بعد تفقده موقع التفجير الأحد «الاقتصاص من الزمر الإرهابية التي قامت بالتفجير، فبعد أن تم سحقها في ساحة المعركة تشن تفجيرات كمحاولة يائسة».
وأفاد مسؤولون أمنيون وأطباء أمس أن 213 شخصاً قتلوا وأصيب أكثر من 200. وأدى التفجير إلى أضرار مادية كبيرة. واحترق على الأقل مبنيان كبيران يشكلان مركزاً للتسوق، إلى جانب عشرات المحلات الأخرى والمساكن المجاورة. كما حاصرت النيران عشرات الشبان داخل المحلات ونجا قسم منهم في حين قتل آخرون، على ما أفادت مصادر أمنية بسبب صعوبة الوصول إلى الضحايا. وقتل في الحادث أربعة شبان من أسرة واحدة من بلدة العزيزية في محافظة واسط. وقال أحد عناصر الدفاع المدني أن انتشال جثث الضحايا «سيستغرق أياماً». وأكد حسين وهو جندي سابق أن ستة موظفين في مخزن تملكه عائلته قتلوا وتفحمت جثثهم، مضيفاً: «سألتحق مجدداً بالمعركة، على الأقل هناك أعرف من هو العدو وأستطيع قتاله. لكنني هنا لا أعرف من ينبغي قتالهم».
وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان أمس «سحب أجهزة كشف المتفجرات المحمولة يدوياً (أي دي أي) من الحواجز الأمنية على أن تتكفل وزارة الداخلية التحقيق في الفساد في صفقات هذه الأجهزة وملاحقة الجهات التي ساهمت فيها، والإسراع في نصب أجهزة رابسكان لكشف العربات عند كل مداخل العاصمة وتأمين مداخل المحافظات».
وبيعت المعدات المحمولة على أنها كاشفة عبوات ناسفة في حين أنها تستخدم لتحديد مواقع كرات الغولف المفقودة. وسجن رجل الأعمال البريطاني الذي باعها إلى العراق بـ40 مليون دولار في لندن عام 2013.
وطالب العبادي قيادة العمليات بـ»الإسراع في استكمال وإنجاز حزام بغداد الأمني بالاستفادة من إمكانات وزارة الدفاع والوزارات الأخرى والمحافظة، وتكثيف الاستطلاع الجوي والجهد الاستخباري فوق العاصمة والمناطق المحيطة لكشف حواضن الإرهاب، ويمنع منعاً باتاً استخدام جهاز الهاتف النقال من قبل الأجهزة الأمنية عند الحواجز». ودعا إلى «إعادة تنظيم السيطرات والحواجز الأمنية بما يخفف على المواطنين والاستعانة بقوات ردع مسنودة بجهد استخباري وتوزيع مسؤولية القواطع الأمنية بالتنسيق بين قيادات العمليات ووزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني والمخابرات واللجان الأمنية في المحافظات لإيجاد حالة من التكامل بينها بعيداً من التنازعات».
وأكد مصادر أمني أن العبادي وجه وزارة العدل بتنفيذ أحكام الإعدام بالمدانين في قضايا إرهابية فوراً، وأعلنت الوزارة في بيان أنها «تنعى (شهداء الكرادة)، ونعاهدهم على الاستمرار بتنفيذ القصاص العادل بكل من تسول له نفسه النيل من الشعب وترويع أبنائه، وسيتم إعلان تنفيذ أحكام الإعدام بمجموعة من المجرم في القريب العاجل، إضافة إلى ما تم إعلانه خلال الأيام القليلة الماضية».
وتوجهت عشرات العائلات إلى مكان التفجير أمس، بحثاً عن ذويها، فيما واصلت فرق الدفاع المدني انتشال الجثث من تحت الأنقاض». وخرج سكان الكرادة في تظاهرة ليل أول من أمس منددين بالتفجير، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية وقائد العمليات والقوة الأمنية المسؤولة عن أمن المنطقة، ورددوا شعارات «بالروح بالدم نفديك يا عراق».
وفي سياق متصل، أعلن نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي «وجود 81 جثة متفحمة»، داعياً ذوي الضحايا المفقودين للحضور إلى المستشفيات للتعرف إليها.
إلى ذلك، قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس إن «الكثير من السياسيين ينتفعون من التفجيرات ليثبتوا كراسيهم»، ودعا العراقيين إلى أن «يهبوا يداً واحدة من أجل العيش الرغيد والحياة الآمنة المستقرة»، وأشار إلى أن الحكومة «باتت مستسلمة لتلك التفجيرات».