شخّص نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أسباب عزوف الشباب عن المشاركة السياسية وتراجع دور الأحزاب في استقطاب المواطنين إلى العمل الحزبي والحياة السياسية بصفة عامة، خلال حلوله ضيفاً على مؤسسة “علال الفاسي”، مساء اليوم الجمعة بالرباط.
نزار بركة، الذي تحدث بلغة أكاديمية غير مألوفة لدى كثير من الزعامات السياسية، حول موضوع “رؤية جديدة للممارسة السياسية”، قال إن نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات الماضية في المدن الكبرى لم تتعد 20 في المائة، مشيرا إلى أن آخر الأرقام تؤكد أن 70 في المائة من الشباب لا يثقون في الأحزاب السياسية.
ودعا الأمين العام لحزب “الميزان” النخب السياسية إلى ممارسة جديدة للفعل السياسي تُعيد الثقة في الأحزاب، وأكد على ضرورة تغيير “الممارسة التقليدية للعمل السياسي التي نعيشها اليوم حتى نكون في مستوى تطلعات المواطنين، ونشجعهم من جديد على الانخراط في السياسة”.
وتحدث نزار بركة، في الندوة التي غاب عنها حميد شباط، الأمين العام السابق للحزب، عن بعض الظواهر السلبية في الحياة السياسية المغربية، التي أدت إلى فقدان الثقة في العمل السياسي، وأبرزها ظاهرة “الخطاب الشعبوي”، التي كرستها العديد من الزعامات الحزبية، وشخصنة التدافع السياسي بدل الدفاع عن مشروع سياسي ذي حمولة فكرية، بالإضافة إلى الفساد السياسي، الذي ربطه بتراجع ثقة المغاربة في أحزابهم.
ومن بين الأسباب السلبية في المناخ السياسي المغربي، يقول نزار بركة، “محاولة تكريس قطبية ثنائية مصطنعة بين الإسلاميين والحداثيين، وبين خط التحكم وخط الإصلاح”. ودعا إلى تجاوز ذلك “لأن هذا التوجه يهدف إلى تقسيم المجتمع ويهدد استقرار البلاد برمتها”.
ولتجاوز الوضع الراهن، أشار زعيم “الاستقلاليين”، إلى ضرورة الانتقال من مرحلة القول إلى مرحلة الفعل والابتعاد عن الوعود الكاذبة والشعارات الفارغة والمزايدات السياسية، في مقابل تملك رؤية واضحة في القطاعات الحيوية، من قبيل: إصلاح التعليم، والجهوية المتقدمة، والصعود الاقتصادي، والتشغيل، والتوزيع العادل للثورة.
“نعيش اليوم تحولا مجتمعيا كبيرا وسريعا يؤدي إلى انحصار العمل السياسي وبروز أشكال جديدة من الوساطة مع المواطن”، يُضيف بركة، الذي أكد على ضرورة مراعاة التغييرات المجتمعية “حتى تستطيع الأحزاب الإجابة عن الأسئلة المؤرقة المرتبطة بالمعيش اليومي والأزمات”.
وأوضح الأمين العام لحزب “علال الفاسي” أنه رغم غياب الثقة في الفاعل السياسي؛ فإن الوعي السياسي للمغاربة بات مرتفعاً بفضل تطور وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن أزيد من 13 مليوناً يمتلكون اليوم حسابا على موقع “فايسبوك”، ويُساهمون في خلق نقاشات سياسية.
الخبير الاقتصادي لفت الانتباه إلى ارتفاع سقف المطالب الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة، وقال إن “الجميع يُريد تحقيق المكتسبات في حينها، وهو الأمر الذي يخلق تحديات كبيرة للدولة”. وأضاف أن مليونين ونصف مليون شاب اليوم عاطلون عن العمل وبدون أي تكوين.
ورغم وجود حزبه في المعارضة، فقد ابتعد نزار بركة كثيراً عن خطاب التراشق السياسي والانتقاد شديد اللهجة للعمل الحكومي، ودعا في المقابل إلى تطوير النقاش العمومي ومصالحة المغاربة مع السياسة وربط القول بالفعل واحترام الوعود المقدمة إلى المواطن.
هسبريس – عبد الرحيم العسري