بقلم ذ، شني عبد الصمد بحر الإنسانية
“المحبة تعطي الحياة للأموات، وتصلح كل العلاقات…”، هذا جزء من بحر الإنسانية يصنع زهدا يعرض فيه الناس عن الخلاف ويتركونه مخافة العقاب الأدبي، أو لأنهم يتحرجون منه لحقارته أو قلته بينهم، فإذا كانت الإنسانية حسب معجم المعاني تتعدد فيها المفاهيم، فإنها لا تخلو أن تكون مصدر صناعي تتكاثف فيها الجهود العلمية لخدمة الجنس البشري، وتوفر الحاجيات اللازمة لاستقراه الاجتماعي والنفسي والعاطفي، وتدفع عنه كل آفات التفكير السلبي، والتشاؤم الذي يكرهه الحياة.. فالحب قيمة مطلقة في بحر الإنسانية، والفن أداة راقية فيه، والفكر ملحه الذي يستوي عليه، والتآلف مرجانه الذي يزين به، والتكافل لؤلؤه الذي يصطع ليعطيه جمالا قويا يجلب الزائرين، والتآزر سندباده الذي يبحر فيه لاكتشاف هوياته ومعالمه… بحر الإنسانية يعني أنك حينما تعلم بنتا فإنك تعلم أسرة كاملة بكل مكوناتها، وحينما تعلم صبيا فإنك تعلمه ليكون رجلا يحمي مجتمعه من كل حماقة عدوانية، يقول الشاعر:” علموا البنت واها لكم علموها فإن في علمها لكم إسعادا وبقاء الفتاة جاهلة عار عليكم لا ينقضي الآبادا آه من جهلها الذي قادها للذل حتى لاقت به الأنكادا…” بحر الإنسانية مؤداه”: ما دمت تسير في طريق الصدق والحق، فلا تتوقف فإنك على صواب…” إن الذي يحرج من حوله بالأذية عليه تعلم السباحة في بحر الإنسانية، حتى يدرك أن النملة التي تأتي تحت رجليه دون أن يحس بها، لا حاجة له في لوم نفسه لأنه غير مسؤول عنها، وأن الطيور التي تحلق عاليا تريد دوما النزول لوكناتها أو أعشاشها، فلا يزعم أنها تسير بغير رجعة، هكذا يكون قد سقط في الأحكام المسبقة، التي تورثه الشك،، بحر الإنسانية هادئ أبدا، لا موج فيه، ولا يخاف منه راكبه ما دامت نيته حسنة، كإنسان صافي القلب يرى رجال الأمن حوله فيطمئن، لكن فاقد الأمان يرتعد بوجودهم.. بحر الإنسانية يدعو الجميع للاستمتاع بلحظات جميلة فيه، لأنه يرحب بالقومية والوطنية والمحلية والدولية، ويطرد العنصرية والعداوة لأنهما لا يشكلان النسيج الإنساني الشامل، لأن الأدب العنصري ليس سوى جسماً غريباً في نسيج الأدب الإنساني سرعان ما يلفظه ويأباه.. بحر الإنسانية يستفسرك ! إذا أوجعك جزء من أصابعك، هل تقوم بقطعه ظنا منك أنك سترتاح؟