تحديد هوية زعيم “داعش” الجديد مهمة استخبارية صعبة العربي الجديد
عبدالحق خرباش.. 12.04.2023
كاتب صحفي ومدير hakikanews.net
يتفق مراقبون ومختصون بشؤون الجماعات المسلحة على أن الفترة الحالية هي الأكثر غموضاً في ما يتعلق بتنظيم “داعش”، من ناحية قادته المتبقين في العراق وسورية، أو زعيمه الجديد أبو الحسين الهاشمي، الذي أعلن التنظيم في رسالة صوتية، نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، مبايعته، بعد إقراره بمقتل زعيمه الثالث منذ تأسيسه، وهو أبو الحسن القرشي، في مواجهات في ضواحي درعا بالجنوب السوري.
هوية زعيم التنظيم الرابع منذ مقتل أبو بكر البغدادي، المؤسس الحقيقي لتنظيم “داعش”، بغارة أميركية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 شمالي سورية، لا تزال محط اهتمام واسع أو “استنفار”، وفقاً لما تحدث به مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد، قال لـ”العربي الجديد”، إن عدة أجهزة أمنية تتعاون حالياً لتحديد هويته، أبرزها العراق وتركيا والولايات المتحدة.وأضاف المسؤول العراقي أن “المعلومات الموجودة غير قطعية، والاسم المُعلن وهمي، ولا يمكن الجزم بما إذا كان قد تم حتى اختيار قائد جديد للتنظيم، أم أن الإعلان محاولة لتجاوز مشاكل الاتصال البيني بين خلايا التنظيم في العراق وسورية، وكذلك الخلافات الموجودة بين أجنحة التنظيم نفسه”.
قيادة عراقية للتنظيم
وأكد أن “جميع قادة التنظيم السابقين كانوا عراقيين، لذا من المرجح أن يستمر هذا التقليد لوجود غلبة عددية للعراقيين على باقي الجنسيات، رغم أن جميع القادة السابقين (الثلاثة) قضوا داخل سورية، وهذا مؤشر إلى أن التنظيم يواجه صعوبة داخل العراق، على عكس الساحة السورية، بمناطق المعارضة أو مناطق “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، ومناطق سيطرة القوات السورية (قوات النظام)، التي سُجلت فيها أخيراً أنشطة للتنظيم”.”تسارع القضاء على قادة التنظيم منذ 2019، شرّع ظهور شخصيات مغمورة من الخطين الثاني والثالث في التسلسل الهرمي، أعمار بعضهم لا تتجاوز 30 سنة. وتغلب على جهود أغلب أعضاء التنظيم حالياً مساعي تثبيت وضع آمن والسبات فيه، لحين انكشاف الأمور، فالتنظيم يجيد اللعب على المتناقضات والفرص”، وفقاً للمسؤول، الذي اعتبر أن مهمة تحديد القائد الجديد مستمرة لكنها “صعبة للغاية”. واعتبر أن “استمرار قدرة التنظيم على تسمية قادة له، يعني بطبيعة الحال أن خطره ما زال قائماً”.
وتم بعد مقتل أبو بكر البغدادي، في 27 أكتوبر 2019، بعملية أميركية خاصة نفذت في قرية باريشا في ريف إدلب، بعد نحو 8 سنوات من قيادته لـ”داعش”، مبايعة أبو إبراهيم القرشي، وهو محمد سعيد عبد الرحمن المولى، الذي قتل بعد نحو عامين بغارة أميركية في مطلع فبراير/ شباط 2022.
كما بايع التنظيم شخصاً آخر قال إنه أبو الحسن القرشي، الذي قتل في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، ولم يتم تحديد هويته الحقيقية حتى الآن.
وأعلن التنظيم في رسالة صوتية مدتها نحو 9 دقائق، أخيراً، تلاها شخص بلكنة عراقية واضحة تسمية أبو الحسين الهاشمي، تاركاً الباب مفتوحاً أمام مراجعة واسعة للشخصيات المحتملة والمتبقية التي من الممكن أن تتولى زعامة التنظيم.
مهمة غير سهلة لمعرفة قيادات “داعش”
الخبير بشؤون الجماعات المسلحة، الباحث العراقي رائد الحامد قال، لـ”العربي الجديد”، إن “مهمة البحث عن معلومات تقود للتعرف إلى الشخصية الحقيقية لأي من قيادات تنظيم الدولة لا تبدو سهلة على الإطلاق الآن، سواء على الباحثين أو الدول والجهات المعنية بالحرب على الإرهاب وملاحقة كبار الإرهابيين”.
رائد الحامد: معظم قيادات التنظيم الذين قتلوا لم تتوفر عنهم معلومات شخصية أو يتم التعرف إلى هوياتهم
وأضاف الحامد: “مع قلة المعلومات، أو ندرتها أحياناً، فان معظم قيادات التنظيم الذين قتلوا لم تتوفر عنهم المزيد من المعلومات الشخصية أو يتم التعرف إلى هوياتهم إلا من خلال التحقيقات مع بعض القيادات المعتقلة لدى السلطات العراقية، أو لدى (قوات سوريا الديمقراطية)، وكذلك لدى بعض فصائل الجيش الوطني التي عادة ما تبادر إلى تسليم المعتقلين لديها إلى القوات التركية. كما أن المواقع الإعلامية التابعة للتنظيم، أو المقرّبة منه، لم تقدم أي معلومات عن قيادات التنظيم”.
وتابع الحامد أنه “إضافة إلى هذا، فإن أمراء التنظيم بعد مقتل أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019 غير معروفين في وسائل الإعلام، وليس لهم أي ظهور، باستثناء ما تبثه مواقع التنظيم من تسجيلات صوتية للمتحدثين الرسميين، أو ما يمكن التقاطه من تعليقات على إصدارات التنظيم الصوتية أو المرئية بأصوات عاملين في الإعلام المركزي للتنظيم أو المؤسسات التابعة له، مثل الفرقان، أو أجناد وغيرها”.
وأضاف: “تكتفي المنصات الإعلامية التابعة للتنظيم بذكر الأسماء المستعارة أو الألقاب التي يحملها قادتها، وهي عادة تنتهي بلقب يمتد إلى قبيلة قريش، وهي قبيلة النبي محمد”.
وتابع: “على الرغم من نجاح بعض الدول في تحديد شخصية أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، واسمه الحقيقي محمد سعيد عبد الرحمن المولى، والذي أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن مقتله على يد القوات الأميركية في عملية نوعية في فبراير 2022، إلا أن هناك حالة من الغموض الشديد تحيط باسم خليفته أبو الحسن الهاشمي القرشي، الذي أعلن تنظيم داعش عن مقتله في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وتولية أبو الحسين الحسيني القرشي قائداً للتنظيم”.
وأضاف: “لا تزال حقيقة مقتل أبو الحسن الهاشمي القرشي وهويته تثير جدلاً واسعاً في أوساط المعنيين بشؤون الجماعات المسلحة”.
وتابع: “هناك ترجيحات أن أبو الحسن الهاشمي، الذي لا يوجد ما يؤكد أنه قُتل فعلاً في ظل تعدد الروايات حول هويته الحقيقية، معتقل منذ مايو 2022 لدى السلطات التركية، وهو حجي زيد أو بشار خطاب غزال الصميدعي”.
وأضاف: “يدور حديث عن أنه أبو عبد الرحمن العراقي الملقب بسيف بغداد، والذي هو نور عبد الكريم الراوي، الذي أعلن التنظيم مقتله في نهاية نوفمبر 2022 ثم بادرت الولايات المتحدة بعد إعلان التنظيم بأقل من ساعتين إلى إصدار بيان أن المعارضة السورية، التي سمّتها الجيش الحر، قتلت أبو الحسن الهاشمي في منتصف أكتوبر 2022”.
وتساءل: “إذا كان الغموض في تحديد هوية أبو الحسن الهاشمي ما زال قائماً حتى الآن، فكيف يمكن التوصل إلى هوية خليفته أبو الحسين الحسيني القرشي؟”.
تحديث قاعدة البيانات
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم المحمداوي، لـ”العربي الجديد”، إن بلاده تحرص على أن تبقى “المعلومات سرية في ما يتعلق بالبحث عن هوية زعيم التنظيم الجديد، ومن المؤكد أن التحدث بها سيؤثر على عملية ملاحقته”.
وبين المحمداوي أن “العراق على تواصل مع دول كثيرة لتبادل المعلومات بشأن زعيم داعش وجميع قيادات التنظيم البارزة، وهناك قاعدة بيانات يجري تحديثها بين وقت وآخر”.