تفعيل اللجنة الوزارية الدائمة للسياسة العقارية

 

شرعت الحكومة عمليا في تفعيل اللجنة الوزارية الدائمة للسياسة العقارية من خلال عقد اجتماع كتابتها على مستوى رئاسة الحكومة، بمشاركة ممثلين عن كافة القطاعات الممثلة فيها.
وأوضح الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، مساء اليوم الثلاثاء في رده بالجلسة الشهرية بمجلس المستشارين على سؤال “سياسة الحكومة في مجال تعبئة الرصيد العقاري للدولة لفائدة الاستثمار”، أن الحكومة عازمة على تفعيل اللجنة الوزارية الدائمة للسياسة العقارية، التي تقرر عقد أول اجتماع لها قبل نهاية شهر دجنبر المقبل. 
كما أنه بالموازاة مع تفعيل هذه اللجنة، كشف العثماني أن “العمل منصب حاليا على إعداد انطلاق الحوار الوطني حول العقار والإستراتيجية العقارية الوطنية ومخطط عمل تنفيذها، بهدف الرفع من مردودية ونجاعة السياسة العقارية للدولة، من خلال تشخيص شامل لواقع العقار بغية الوقوف على أهم الإكراهات التي تعيق اضطلاعه بوظائفه الاقتصادية والاجتماعية وكذا اقتراح التوجهات الكبرى لسياسة عقارية وطنية متكاملة وناجعة”.
إذ بسط العثماني تصور حكومته للمسألة العقارية باعتبارها “مسألة أفقية تقتضي اعتماد مقاربة شمولية ومندمجة تروم تثمين العقار وإدماجه في التنمية، وكذا حل مختلف المشاكل المرتبطة بتدبيره وحكامته”، معتبرا أن “الطابع الأفقي للعقار يقتضي اعتماد سياسة عقارية وطنية شاملة ومندمجة والإعداد الفعلي والسريع للإستراتيجية الوطنية العقارية ووضع مخطط عمل لتنفيذها”، إذ كيف يعقل حل مشاكل عقارية ظلت عالقة لعقود خلت بسبب تقادم النصوص القانونية، وبسبب وجود لوبيات متخصصة في الاستيلاء على العقارات، فمعالجة هذا الوضع، حسب العثماني، “تتطلب نفسا على المدى المتوسط، وللحكومة إرادة قوية لحل إشكالات قطاع العقار الذي له طابع أفقي ويعني عدد من المتدخلين، وبالتالي لابد من تدخل جميع أجهزة الدولة وجميع القطاعات”.
وفي هذا السياق، شدد رئيس الحكومة على ضرورة تبني سياسة واضحة لتعبئة الملك الخاص للدولة لأنه يساهم في تنمية الاستثمار بمختلف الجهات عن طريق تعبئة الأراضي اللازمة لفائدة المستثمرين من القطاع العام والخاص، ولتمكينهم من إنجاز مشاريع تهدف إلى خلق الثروات وإحداث فرص الشغل. 
كما ذكر رئيس الحكومة بمختلف الإجراءات التي اتخذت فيما يخص العقار الصناعي ومحاولة الحد من المضاربة العقارية في المناطق الحرة للتصدير وفي المحطات الصناعية المندمجة وفي الحظائر الصناعية الموجهة للكراء، والمناطق الصناعية ومناطق الأنشطة الاقتصادية.
والأمر نفسه بالنسبة إلى العقار الفلاحي باعتماد الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص لضمان استغلال أحسن للعقار التابع للملك الخاص للدولة من خلال خلق مشاريع فلاحية مندمجة وخلق فرص الشغل في العالم القروي، من خلال إطلاق طلبات عروض جهوية للكراء طويل الأمد تشمل القطع الأرضية الصغيرة لفائدة صغار الفلاحين والمقاولات الصغرى. 
وفي ما يرتبط بالملك العمومي، كشف رئيس الحكومة عزمه على استكمال تحديث الترسانة القانونية المنظمة له وتحديث أساليب تدبيره وفق قواعد الحكامة الجيدة وبهدف تثمينه وجعله أداة لتحقيق التنمية المستدامة وتشجيع الاستثمار.
إلى ذلك، تطرق العثماني إلى السياسة المتبعة لمعالجة إشكالات الأراضي السلالية وأراضي الجموع، البالغة مساحتها الإجمالية حوالي 15 مليون هكتار، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الجماعات السلالية وذوي الحقوق. إذ من الناحية القانونية، يتوقع إعداد ثلاثة مشاريع قوانين لتثمين هذا الصنف من الأراضي والشروع السريع في عملية تمليكها لذوي الحقوق. 
وتأسف العثماني لوجود عمليات للاستيلاء على هذا النوع من الأراضي وصلت إلى القضاء، لكن تتطلب وقتا طويلا وهناك عدد كبير من هذه القضايا مازالت أمام المحاكم. ففي تقدير رئيس الحكومة فإن أول خطوة لتجاوز هذا الواقع يتمثل في مراجعة الإطار القانون الذي يعود إلى عقود خلت، و”إذا لم تتغير هذه الظهائر عبر مراجعة جذرية للقوانين، فلا يمكن أن تحل مشاكل الأراضي السلالية، ونتمنى أن تكون 2018 سنة ميلاد هذه القوانين، وهذا يحتاج إلى جهد كبير، وإلى إشراك جميع المعنيين”.
يشار إلى أن السياسة العقارية للدولة حظيت باهتمام كبير في البرنامج الحكومي الذي تضمن جملة من الإجراءات الرامية إلى تحسين حكامة العقار والنهوض به باعتباره آلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك استنادا إلى خلاصات المناظرة الوطنية الأولى للسياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، المنعقدة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك حفظه الله يومي 08 و09 دجنبر 2015، وهي المناظرة التي حظيت بتوجيه رسالة ملكية سامية إلى المشاركين فيها، شكلت خارطة طريق لإصلاح شامل لقطاع العقار في إطار سياسة واضحة المعالم تأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد القانونية والمؤسساتية والتنظيمية والاجرائية، من خلال التوجيهات التي ترسم معالم هذه الخارطة.