سرقة مياه المغرب… استنزاف الثروة المائية السطحية والجوفية العربي الجديد
عبدالحق خرباش.. مدير النشر للجريدة HAKIKANEWS.NET
22.08.2023
يتفاقم الإجهاد المائي في المغرب بسبب سرقة ثروته السطحية والجوفية، بشكل أساسي عبر مزارع كبرى ونافذين لا سيما من يعملون في تصدير الفاكهة، وضعف الرقابة في بلد يعيش منذ ست سنوات على وقع موجة جفاف وعجز حاد.
– فوجئ الناشط الحقوقي عزيز عقاوي، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (مستقلة)، في الأسبوع الثاني من مايو/أيار الماضي، بـ”عودة أفراد يقدمون أنفسهم كنافذين ومحميين من قبل السلطات وعملهم على سرقة مياه وادي شبوكة”، بإقليم خنيفرة، وسط البلاد، بعد نحو سنة من المعركة التي خاضتها جمعيته بمعية مزارعين محليين من أجل “وقف مسلسل سرقة مياه الوادي واستنزاف الثروة المائية بإقامة سدود تلية ووضع مضخات يراوح قطر قنواتها بين 20 و30 سنتيمترا لسحب المياه بطريقة غير قانونية من أجل ري مزروعات تحتاج كميات وافرة من المياه كالبطاطس والشمندر السكري”.
وعقب إثارة نشطاء الجمعية الحقوقية خبر استئناف سرقة مياه وادي شبوكة (أحد أكبر روافد نهر أم الربيع، وهو ثاني أطول مجرى مائي في المغرب)، على مواقع التواصل الاجتماعي، زارت لجنة مختلطة من السلطة المحلية والدرك الملكي لحماية البيئة والفلاحة ووكالة الحوض المائي المنطقة وسجلت استمرار وضع 3 مزارعين مضخات تسرق المياه، فيما أعاد مزارع آخر، هو محمد فكراوي الذي يشغل مهمة نائب رئيس الغرفة الفلاحية (مؤسسة عمومية) بخنفيرة، بناء سد كان قد تم هدمه السنة الماضية من قبل السلطات قبل أن تقدم السلطات المحلية في 15 مايو الماضي على إزالة تلك المضخات والسد التلي، وفق ما يقوله عقاوي في إفادة لـ”العربي الجديد”، مشيرا إلى أن إقامة السدود التلية ووضع المضخات أسفر عن استنزاف الوادي ونفوق أشكال مختلفة من الحياة المائية من بينها سمك السلمون، وتخريب متعمد لمنظومة بيئية تتكون فضلا عن الأسماك من حشرات وطيور وحيوانات أخرى تعيش من مياه الوادي.تفاقم الإجهاد المائي
يصنف المغرب ضمن الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وتقدر الموارد المائية السطحية بمجموع التراب المغربي في السنة المتوسطة بـ 18 مليار متر مكعب، وتراوح وفق السنوات بين 5 مليارات متر مكعب و50 مليار متر مكعب، بحسب ما يورده الموقع الإلكتروني لوزارة التجهيز والماء.
ومنذ ست سنوات يعيش المغرب على وقع موجة جفاف انعكست سلبا على الموارد المائية للبلاد، إذ بلغ العجز المائي 85% تقريبا في موسم 2021-2022، بعدما بلغ مخزون المياه الصالحة للري 900 مليون متر مكعب عام 2022 مقارنة بمتوسط 3.4 مليارات متر مكعب بين أعوام 2009-2017، في حين بلغ العجز في المياه الجوفية مستوى حادا، إذ انخفضت بما بين 3 و6 أمتار، وفق وزارة التجهيز والماء.في المقابل، فقد المغرب خلال السنوات الخمس الماضية ما يقرب من 6.5 مليارات متر مكعب، منها 700 مليون في عام 2022 وحده. بينما تبدد 300 مليون متر مكعب في مدة لم تتجاوز 10 أشهر بين سبتمبر/أيلول 2022 ويونيو/حزيران 2023، بحسب ما أعلن عنه وزير التجهيز والماء نزار بركة في 6 يونيو الحالي، في مجلس المستشارين المغربي.
ووجه المكتب الجهوي لـ”الحزب الاشتراكي الموحد” بجهة مراكش آسفي في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شكوى إلى والي الجهة كريم قسي لحلو، مطالبا بفتح تحقيق في حق كل من ثبت تورطه في سرقة المياه الجوفية بنهر تانسيفت (طوله 250 كيلومترا)، بجماعة الأوداية في ضواحي مراكش، بعد توصله إلى دلائل مصورة توثق نموذجا من الاستغلال غير المشروع للمقدرات المائية عبر حفر بئر وسط الوادي واستغلاله بواسطة محرك تم ربطه بالكهرباء التي جلبت من منطقة تامنصورت دون احترام لأدنى شروط السلامة، في حين يتم نقل المياه الناتجة عن عملية الضخ لمسافة تفوق 3 كيلومترات عبر أنابيب إلى إحدى ضيعات البطيخ بجماعة أولاد دليم، كما يقول الأمين الجهوي لـ”الحزب الاشتراكي الموحد” بجهة مراكش نور الدين بلكبير لـ”العربي الجديد”، مضيفا: “الغريب في الأمر أنه مباشرة بعد الشكوى أزال صاحب الضيعة المعدات قبل حضور السلطات، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول تواطؤها رغم أن مهمتها الحفاظ على الثروة المائية، وكذلك العمل على تطبيق القرارات الحكومية الداعية لذلك، علما أن الجهة معروفة تاريخيا بضعف التساقطات المطرية والجفاف”.
لكن مصدرا من ولاية مراكش طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول له بالتصريح الإعلامي، ينفي تهمة التواطؤ، مؤكدا لـ”العربي الجديد” أن الولاية توفد لجانا مختلطة تتكون من المكتب الوطني لسلامة المنتوجات الغذائية والسلطات المحلية والدرك الملكي، والشؤون القروية بالعمالة وممثلي وكالة الحوض المائي والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي وممثل المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، من أجل التحقيق في الشكاوي التي تتلقاها، والوقوف على مدى وجود استغلال الملك العمومي المائي بدون ترخيص، واتخاذ الإجراءات القانونية في حق المخالفين، وتحرير محاضر لتوجيهها إلى النيابة العامة، وإزالة كل المنشآت المقامة بدون ترخيص على الأنهار”، لافتا إلى أن سلطات الجهة اتخذت منذ يوليو/تموز 2022، مجموعة إجراءات استعجالية قصد الحفاظ على الثروة المائية وترشيد استهلاكها من بينها منع الاستعمال غير القانوني لمياه الآبار والأثقاب والوديان والعيون وقنوات جلب المياه.غير أن نفي المسؤول المحلي لا يلغي تسجيل حوادث سرقة الملك العمومي المائي في العديد من المناطق والجهات، إذ وثقت لجنة مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي)، والتي عملت على “المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على وضعية مصب نهر الربيع، وتم الكشف عن نتائجها في 17 يناير/ كانون الثاني الماضي، أن “فلاحين كبارا (لم يذكر التقرير أسماءهم)، أنجزوا سدودا خاصة لسقي هكتارات الأراضي من الوادي، وأن قلة التساقطات المطرية بريئة مما يعيشه النهر من أزمة” تتمثل في حالة الاختناق والانسداد الكامل للمصب، وانخفاض منسوب مياهه.
وبحسب المزارع محمد الدكالي، فإن حجم ظاهرة سرقة مياه نهر أم الربيع يبرز بشكل لافت في منطقة بلعوان بإقليم الجديدة، حيث يلجأ مزارعون كبار إلى استعمال 6 مضخات أو أكثر لري مزارعهم ليل نهار، بل إن منهم من راكم ثروة نتيجة بيع جزء من المياه المجلوبة من الوادي بدون ترخيص من السلطات إلى مزارعين آخرين.ووفق المستشارة البرلمانية عن “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب” لبنى علوي، فإن سرقة مياه الأنهار تعرفها جميع مناطق المغرب، وهو ما يؤكده أيضاً رئيس جمعية “المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ” بالقنيطرة، الخبير البيئي مصطفى بنرامل، الذي يقول إن عملية الرصد التي تقوم بها جمعيته تشير إلى أن مناطق مهمة فلاحيا في البلاد هي الغرب واللوكوس والشاوية تعرف سرقة المياه من قنوات الري من قبل المزارعين في غالب الأحيان ليلا أو أثناء فترات غياب المراقبين.
واستنادا لما وثقه المكتب الجهوي لـ”الاشتراكي الموحد” بجهة مراكش من نماذج لاستغلال مياه وادي تانسيفت بطرق غير قانونية، فإن المساحات التي يتم ريها بمياه الوادي المسروقة تفوق ألف هكتار، كما يقول بلكبير، لافتا إلى أن فرع حزبه ومناضليه بجماعة سيدي الزوين رصدوا 20 حالة سرقة في عام 2022، بناء على معايناتهم، ويوجهون بصددها مراسلات إلى السلطات قصد التدخل.وتنتشر سرقة مياه قنوات الري والأنهار والأودية في العديد من الجهات (هي مراكش، وجهة الغرب وجهة الشاوية وجهة خنيفرة بني ملال)، كما في نهر أم الربيع، الذي تتم سرقة حوالي 1 مليون متر مكعب في اليوم من مياهه، أي 300 مليون متر مكعب في السنة، وفق المستشارة البرلمانية علوي، مؤكدة أن السرقة التي تتعرض لها الثروة المائية في البلاد تتسبب في ضياع ما بين 30 و40 في المائة من المياه، سواء بالنسبة للماء الصالح للشرب أو الماء المخصص للزراعة، وتصل أحيانا إلى 60 في المائة، في حين أن 40 في المائة من مياه قنوات الري تتعرض للسرقة في الطريق، وفق ما كان قد أعلن عنه وزير التجهيز والماء نزار بركة في 23 مايو 2022 بالبرلمان، مضيفة: “هذه أرقام تدل على الحجم الكبير للمياه التي تُسرق في اليوم وعلى مدار السنة”.تحدث سرقة المياه من قبل مزارعين كبار ونافذين وشركات فلاحية، إذ يعمدون إلى وضع محركات ضخ تعمل بغاز البوتان (وقود غازي) في جنبات الوديان، وسحب المياه عبر أنابيب ضخمة يتم من خلالها نقل ماء الوادي إلى ضيعاتهم التي تمتد على مساحات شاسعة، وكذلك من قبل مزارعين صغار في المناطق النائية ومن قبل القطاع غير المهيكل، وفق ما تقوله علوي، مؤكدة أن تلك السرقات تنامت جراء التوزيع غير العادل للفرشة المائية بين المناطق والناتج أساسا عن ضعف التقائية السياسات العمومية (آلية تروم تحقيق التشارك)، جراء تداخل الاختصاصات وتعدد المقتضيات القانونية وافتقار السياسات العمومية للبعد الاستراتيجي.
وتزداد سرقة المياه بالمغرب من قبل المزارع الكبيرة لصعوبة مراقبتها، لا سيما تلك التي تصدر منتوجها وتحديدا الفواكه الحمراء والأفوكادو والبطيخ وتُسيّر من طرف مستثمرين أجانب، كما أن تلك الاستغلاليات (المزارع) تنهج كل السبل لسرقة المياه سواء خلال فترة الليل أو من خلال كسر قنوات الري أو تحويل المياه أو حفر آبار عشوائية، بحسب ما يوضحه بنرامل، والذي يلفت، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن السرقة تزداد جراء ارتفاع كلفة مياه السقي التي تثقل كاهل المزارع، خاصة الصغير، كمصاريف إضافية إلى جانب كلفة البذور والأسمدة الكيماوية واليد العاملة، وهو ما يؤكده كذلك المزارع الدكالي بالإشارة إلى أن المزارعين الصغار يؤدون للمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي التابعة لوزارة الفلاحة مبلغا يفوق 4 آلاف درهم ( 400 دولار) في السنة من أجل الاستفادة من حصص الري التي لا تكفيهم أصلا، وهو مبلغ يثقل كاهلهم في ظل توالي سنوات الجفاف وغلاء الأسعار فضلا عن تكلفة الإنتاج المرتفعة، ما يضطر عددا منهم إلى سرقة المياه.
كما تزداد السرقة بسبب العقوبات الضعيفة الواردة في قانون رقم 36.15 المتعلق بالماء، إذ تنص المادة 145 على أن يعاقب بالحبس من شهر إلى 3 أشهر وبغرامة من 1000 إلى 5000 درهم (100 وحتى 500 دولار) أو بإحدى العقوبتين فقط كل من عمد إلى جلب مياه قنوات أو أنابيب نقل أو توزيع الماء دون إذن مسبق من المخول له تسيير هذه القنوات والأنابيب من طرف الإدارة.
ويعزو بنرامل ازدياد السرقة أيضاً إلى المراقبة غير الكافية للموارد المائية نظرا لعدم كفاية الأطر سواء من طرف المكتب الجهوي للاستثمار الزراعي أو شرطة المياه، بالإضافة إلى فترة وحجم المياه المخصصة للاستغلاليات الصغيرة والمتوسطة التي تبقى غير كافية.يطرح تكرار وقائع سرقة مياه الأودية والقنوات المائية في مناطق مختلفة من البلاد أسئلة عن مدى تطبيق القوانين ودور المؤسسات المسؤولة عن حماية الثروة المائية من خطر الاستنزاف جراء الاستعمالات غير المشروعة، بحسب عقاوي.
وتقول وزارة التجهيز والماء في رد مكتوب لها على “العربي الجديد”، إن الأجهزة المكلفة بمراقبة استعمال واستغلال الملك العمومي المائي (تشمل إلى جانب أعوان شرطة المياه العاملين بالوزارة ووكالات الأحواض المائية ووزارتي الفلاحة والصحة، ضباط الشرطة القضائية من جهاز الدرك الملكي ورجال السلطة الإدارية المحلية)، تراقب استعمال الملك العمومي المائي ومعاينة المخالفات وتحرير المحاضر في شأنها التي تحال على النيابة العامة المختصة قصد تحريك مسطرة متابعة المخالفين، بهدف ضمان الحماية والمحافظة على الملك العمومي المائي.
ولمواجهة تزايد استعمال المياه بشكل غير قانوني، عبر مآخذ المياه من القنوات العمومية أو حفر أثقاب مائية وجلب المياه منها بدون ترخيص، تشير الوزارة إلى أنه تم اعتماد عدد من الإجراءات لتحسين فعالية المراقبة ومواجهة التحديات المطروحة وذلك على عدة مستويات ومن خلال آليات متنوعة، من بينها إعداد النص التنظيمي المنظم لرخصة مهنة الثاقب (الشخص أو الشركة التي تتولى مهمة أشغال إنجاز أو تعميق أو إصلاح الأثقاب بهدف البحث عن الماء أو جلبه)، كما تم إعداد مجموعة من النصوص التنظيمية المتعلقة بمنح التراخيص باستعمال واستغلال الملك العمومي المائي، الذي جاء بـآليات ومقتضيات جديدة من شأنها تحسين وتجويد عملية الترخيص، وكذا النص المتعلق بإبرام عقد التدبير التشاركي للمياه الذي يتضمن محاور متعلقة بالحد من الاستغلال المفرط للمياه وتعزيز المراقبة لاسيما بوضع عدادات على مستوى الأثقاب المائية.
كذلك تم وضع قيود على منح التراخيص والامتيازات لاستعمال الملك العمومي المائي أو إنجاز آبار أو أثقاب جديدة في المناطق المهددة بالاستغلال المفرط للموارد المائية أو التي تعرف تدهورا في جودتها، مثل المياه الجوفية، كما توضح الوزارة.
وفي وقت تقول فيه الوزارة إن مصالحها المختصة تعكف حاليا على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية شراكة مع إدارة الدفاع الوطني من أجل دعم عمل شرطة المياه ميدانيا وذلك عبر جهاز الدرك الملكي، يرى بنرامل أن سرقة المياه تحدث بسبب “فشل مؤسسات المراقبة (شرطة المياه) التي من المفترض أن تمنعها، وهو ما تؤيده المستشارة علوي، التي تعتبر أن الحماية القانونية المخولة للشرطة المائية هي جد محدودة بل وتصطدم في الواقع بصعوبات وتحديات عدة تحد من مهامها، تتعلق بالأشخاص المستعملين للملك العام المائي والمناورات التي يقومون بها من أجل الاستغلال غير القانوني، وكذلك إكراهات ترتبط بالمكلفين بشرطة الماء، وهو ما يستدعي اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات من أجل الوصول إلى الأهداف المرجوة.
كما تواجه شرطة المياه صعوبات تجعل ممارسة مراقبتها على الملك العام المائي متعثرة، إذ تصطدم بصعوبة ضبط التلبس فيما يخص حفر الآبار أو جلب الماء بدون ترخيص نظرا لأن العملية تستغرق بضع ساعات فقط، وفي حالة التعرف على المخالفة يكون الحصول على المعلومات اللازمة لتحرير محضر المخالف صعبا، كما أن مسطرة مصادرة المعدات المستعملة في هذه المخالفة غير واضحة، كما تقول علوي، مشيرة إلى أن المكلفين بشرطة المياه يواجهون كذلك إشكالا بسبب عدم توفرهم على الصفة الضبطية بالرغم من كونهم يمارسون جزءاً من مهام الشرطة القضائية.لكن عضو شرطة المياه بالحوض المائي لتانسيفت عبد الله البدوي (اسم مستعار بناء على طلبه لكونه غير مخول بالتواصل مع الإعلام) يقول إنه “بالرغم من الصعوبات التي تعترض عمل شرطة المياه كجهاز مراقبة بسبب ضعف التوعية بمهامها وجهل المواطنين لوظيفتها، فضلا عن ضعف الأدوات اللوجستيكية، علما أن عددهم لا يتجاوز 200 فرد”، إلا أنها تسهر في ظل الجفاف والإجهاد المائي الذي تعيشه البلاد وحماية للثروة المائية من خلال دوريات ميدانية تتصدى للسلوكات المخالفة للقانون كحفر الآبار العشوائية أو ربط مضخات مائية بالسدود.
في المقابل، تقر وزارة التجهيز والماء بوجود إكراهات تواجه شرطة المياه من بينها شساعة الرقعة الجغرافية، وكثرة وتنوع مكونات الملك العمومي المائي، وقلة الموارد البشرية واللوجيستيكية، وضعف التنسيق مع باقي أجهزة المراقبة، وكذلك غياب استعمال الوسائل الحديثة لضبط المخالفة (الاستشعار البعدي الفضائي والدرونات..).يبدي بنرامل استياءه الشديد من هدر كميات مهمة من المياه جراء السرقة من قنوات الري أو مباشرة من مياه الأودية والأنهار والسدود أو عن طريق حفر آبار عشوائية غير مرخصة، لا سيما في ظل ما يعيشه البلد من حالة إجهاد مائي اضطرت السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ المائية في يوليو 2022.
وترى المستشارة علوي أن ما تتعرض له القنوات المائية من عمليات السرقة والضياع يفاقم الوضع ويجعل المملكة في وضعية مقلقة بخصوص ندرة المياه، وهو ما يؤكده رشيد فاسح، باحث ومهتم بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، رئيس جمعية بييزاج لحماية البيئة بآكادير لـ”العربي الجديد “، لافتا إلى أن ضغط الاستغلال يؤدي الى نقص حاد في الموارد المائية بشكل غير مستدام جراء التناقص المطرد للموارد المائية السطحية سنويا واستنزاف الثروة المائية السطحية والجوفية معا، والتغيرات المناخية وشح التساقطات والضغط المتزايد على الموارد.
ولمواجهة سرقة المياه وانعكاساتها السلبية على الثروة المائية، يقول الخبير فاسح: “أصبح لازما اليوم، للحفاظ على الأمن المائي والغذائي الوعي بتدبير المياه بشكل عقلاني مستدام وبإجراءات تقنية وقانونية تحفظ مصالح الجميع وفق القانون، والعمل على البحث عن بدائل في مجالات الفلاحة المستدامة فضلا عن الإجراءات القانونية الزجرية ونظام الغرامات كما ينص عليها القانون”.
ويرى بنرامل أنه “ما لم يدرك الجميع قيمة المياه، فإن العقوبات المقررة ستبقى غير كافية، بل ستزيد من مخاطر السرقة”، مضيفا: “تشديد العقوبات أكثر تجاه سارقي المياه، لن يعطي وحده النتائج المرجوة، بل يجب مرافقتها بحملات للتحسيس والتوعية بأن أنظمة المياه في خطر”.