الرئيسية / المجتمع المدني / نظرة تاريخية موجزة.. انتخاب المجلس الأعلى للقضاء

نظرة تاريخية موجزة.. انتخاب المجلس الأعلى للقضاء

image_pdfimage_print
print

مذكراتي 10 يوليو 2016

56668126-8e52-4e08-b159-46092fd15b09

11702_451430824935085_861317103_n

للأمانة، و من باب تنوير الشباب من القضاة، و توضيح الرؤية أمامهم، حول معطيات تاريخية مرتبطة بانتخاب المجلس الأعلى للقضاء، خاصة و أننا كقضاة شيبا و شبابا على أبواب مرحلة حاسمة في تاريخنا القضائي، سيكون لها ما بعدها، و جام الأثر على مسارنا المهني، و هي انتخابات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فإنه لابد من إلقاء نظرة إلى الوراء لفهم الحاضر.

إنه لم من المفيد، عرض كرونولوجيا اختيار ممثلي القضاة بالمجلس الأعلى للقضاء عبر مراحل تاريخية من حياتنا القضائية، علما أن المجلس المذكور، في حلته القديمة كان يتشكل من أعضاء دائمين هم وزير العدل بصفته نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء و هو جلالة الملك، و الرئيس الأول للمجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) و الوكيل العام للملك به و رئيس الغرفة الأولى، ثم أعضاء منتخبون، اثنان عن محاكم الاستئناف و أربعة عن المحاكم الابتدائية، و انتخاب هؤلاء الأخيرين يقتضي معرفة تطور الوضع من خلال مرحلتين:

1- مرحلة ما قبل التسعينات:

اتسمت هذه المرحلة باختيار قضاة و مسؤولين قضائيين، من قبل الإدارة المشرفة على قطاع العدل، و ترشيحهم و مساندتهم، بحيث لم تكن آنذاك منافسة، باعتبار أن الإدارة المذكورة تقترح العدد المرغوب فيه و قلما يتجرأ احد القضاة على الترشح و حتى إن ترشح فإن حظوظه تكون منعدمة.

2- مرحلة ما بعد التسعينات:

في هذه المرحلة كان لاعتقال احد قضاة محكمة الاستئناف بالرباط و محام بهيئة المحامين بدائرة المحكمة المذكورة و كاتب ضبط، دافع إلى تكتل مجموعة من القضاة من الرباط و الدارالبيضاء و القنيطرة و الخميسات و محاكم أخرى وقيامهم بجمع توقيعات التضامن مع القاضي المعتقل عن طريق الاتصال بقضاة مختلف المحاكم، ضمنت في عريضة رفعت لجلالة الملك المغفور له الحسن الثاني تغمده الله برحمته، فصحح جلالته الوضع الخاطئ الناتج عن الاعتقال المذكور، و تم على الفور إطلاق سراح الجميع و طوي الملف. هذا الحادث و الاستجابة الملكية السامية، كانت انطلاقة حقيقية لأخذ القضاة بزمام الأمور، فبدأت قوة القضاة تبرز في مقابل تيار مدعوم من الإدارة. لكن هذه التجربة المنبثقة من العريضة المذكورة، حملت منذ انطلاقتها بوادر الانشقاق، لوجود تيارين أحدهما من الشمال تمثله الرباط و آخر من الجنوب ممثل في الدارالبيضاء و ا صبح الجسم القضائي مقسما بين تيارين مما بات يعرف بتيار الرباط و تيار الدارالبيضاء، هذا الانقسام أدى إلى ارتكاب أخطاء من الجانبين بسبب قلة التجربة و الرغبة في السيطرة على الساحة القضائية، و زرع بعض الموالين في مناصب المسؤولية حتى بدون كفاءة ، مما أتاح الفرصة للإدارة للدخول على الخط و استمالة تيار على آخر، و قد كان بالإمكان و بقليل من الحكمة تجاوز الأمر. لكن الوضع استمر إلى حين إجراء انتخابات الجمعية الوحيدة التي كانت موجودة حينئذ، و التي خرجت للوجود بمكاتب الإدارة الوصية على قطاع العدل، تلك الانتخابات التي آلت نتيجتها إلى ممثلي الرباط على حساب ممثل الدارالبيضاء، و هي نتيجة بقيت عالقة انتظر أصحابها أن تعطى لهم الإشارة لبدء أعمالهم لكن الحال بقي مجمدا تماما كما هو عليه الحال حاليا بخصوص ذلك الإطار الذي خلق لاحتواء القضاة.

كان هذا هو الإطار العام أو الغالب، و لو أن الأمر يقتضي ذكر وجود بعض التيارات التي فرضت نفسها في الساحة إلى حد ما دون إن تتموقع في جهة جغرافية معينة.

و تجدر الإشارة إلى أن تأثيرات المرحلة المذكورة مازالت موجودة حتى اليوم و لو بمسميات مغايرة، بل إن بعضها لازال متواجدا بحدة، و مازالت تؤطره بعض الأسماء في الخفاء و البعض الآخر في العلن، و هو ما يعني أن الساحة القضائية لازالت تبحث عن نفسها، و لازال اغلب الشباب و ربما كلهم، يجهلون أن الحراك القضائي كان قائما منذ زمن بعيد، و أن خيوطه لاتزال بعض رموز الماضي تتحكم فيه بشكل أو بآخر إلى الآن و رغم أن عقليتها تجاوزها الزمن فإنها ترفض الابتعاد عن الساحة و تحاول الاختفاء أحيانا وراء مجموعة من الشباب للتمويه و التخفي، و مواجهة الحراك الشبابي الحقيقي المنبثق عن دستور 2011، بواجهة شبابية ذات خلفية و مرجعية قديمة تعتمد في مناوراتها على الأساليب التقليدية، هي في جوهرها امتداد للماضي المليء بالأخطاء و المسؤول عن الكبوات و المعرقل للإصلاح الحقيقي و الجدري المنشود.

على الشباب أن يقرأ هذه الحقيقة بتمعن، و أن يتجاوز الخلافات و أن يتجنب الصراعات التي لا جدوى منها و أن يعي أن التمثيلية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية يجب أن تسند لمن يستحق و أن يوحدوا الصفوف، و على أي و لئن أجهدت نفسي بالبحث عن كلمة انهي بها هذه السطور لما وجدت أحسن من مقولة احد الرؤساء الأولين للمجلس الأعلى – محكمة النقض- تغمده الله برحمته و أسكنه فسيح جنانه حينما قال ” إذا كان القضاة يرغبون في النضال فإن عليهم أن يناضلوا على الإبقاء على ملفهم بين يدي جلالة الملك أيده الله بنصره” فلنناضل من اجل أن يبقى الملف بيد جلالته و أن نعينه في كل خطواته فجلالته هو الضامن لاستقلا القضاء.

( يتبع)

شاهد أيضاً

تازة.. / ما يحك ليك غي ظفرك / مسجد عمر بن العزيز بالحي الحسني

عبدالحق خرباش ..28.03.2024 كاتب صحفي ومدير النشر للجريدة HAKIKANEWS.NET يقع الحي الحسني الذي يعتبر من ...