عبدالحق خرباش.. 13.10.2021
hakikanews.net
أزمة «الكلاب الضالة» تبحث عن حل
https://gate.ahram.org.eg/
تحقيق ــ رانيا صول ــ ريهام رجب
معدلات « العقر» تزداد سنويا.. وفيروس إنفلونزا الكلاب يتطور بسرعة خطيرة
خبراء يطالبون بـ«التطعيم ضد الأمراض» والمعاملة برفق لإنهاء المخاطر
«الزراعة» تسعى لحل المشكلة بالتعاون مع جمعيات الرفق بالحيوان
انتشرت الكلاب الضالة فى الشوارع ، وتكررت حالات العقر فى العديد من المناطق، وهو ما يتسبب فى ذعر المجتمع ككل ،وبخاصة السيدات والأطفال .الظاهرة انعكست فى مناقشات ومداولات تحت قبة البرلمان .
ووصلت إلى ساحات المحاكم بسبب الحوادث المتكررة ، وسط جدل حول قانونية تربية واقتناء تلك الكلاب أو إمكانية قتلها فى حالة تهديدها لسلامة المواطنين، مع المطالبة بوضع منظومة من شأنها ضبط عملية التعامل مع الكلاب بما لا يخالف القوانين الحقوقية لحماية الحيوان ولا يؤثر على أمن المواطنين.
وحول حجم الظاهرة وتأثيرها على المواطنين، يؤكد (أحمد نصر) من سكان الحى السابع بالشيخ زايد انتشار الكلاب الضالة فى المنطقة بأعداد كبيرة مما يروع المواطنين وخاصة الأطفال، فقد تعرض ثلاثة أطفال للعقر من الكلاب خلال الشهر الماضي، الأمر الذى أصبح يمثل خطورة على المارة.
مشيراً الى أنه قد تعرض بالفعل لهجوم من مجموعة كلاب فى أثناء سيره فى الشارع ليلا، مما إصابه بحالة من الذعر لكنه نجا بسلام، لكنه يخشى ألا يمر الموقف نفسه بسلام إذا تعرضت له سيدة أو طفل.ويناشد أحمد المسئولين العمل على سرعة حل هذه المشكلة حتى يسير المواطنون فى الشارع بأمان.
الرعب والانهيار
وتلاحظ فاطمة عواد من سكان منطقة كعابيش بفيصل زيادة انتشار الكلاب الضالة أمام صناديق القمامة وبجوار السيارات التى تقف أمام المنازل، لافته إلى أن ابنتها تعرضت لهجوم من الكلاب مما أصابها بحالة من الهلع جعلتها تصرخ بهيستريا استمرت لمدة ساعات دون توقف.
وبعدها أصبح لديها رعب من النزول الى الشارع بمفردها، ناهيك عن حالة الرعب والانهيار عند رؤيتها للكلاب.
وتوضح رشا محمد من سكان زهراء المعادى أن «انتشار الكلاب الشرسة ،التى تهاجم المارة فى المنطقة، أصبح أمراً مفزعاً للسكان، فالكلاب تقوم بملاحقتنا والهجوم علينا حتى فى أثناء استقلالنا السيارات، وهذا يمثل خطورة علينا وعلى أطفالنا» وتناشد رشا المسئولين سرعة التحرك لإنقاذ المواطنين وبخاصة الأطفال وكبار السن.
ومع انتشار ظاهرة الكلاب الضالة، ازداد الخوف لدى المواطنين مع تداول معلومات بأن بعض الكلاب تحمل أمراضا خطيرة وبعضها يؤدى إلى الوفاة، وهو ما أكده بعض المتخصصين.
ووصل الأمر إلى حد المطالبة بالتخلص النهائى من تلك الكلاب لتجنب مخاطر الإصابة بتك الأمراض.
وحول المخاطر الصحية للكلاب الضالة، يقول يوسف العبد عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين بمصر إن ظاهرة الكلاب الضالة تؤرق المجتمع والمواطنين خاصة فى السنوات الخمس الأخيرة نظرا لما تحمله الكلاب الضالة من أمراض يتم نقلها إلى الإنسان مما يمثل خطورة على حياته مثل مرض (البروسيلا) والإجهاض المتكرر، ومرض السل، والعديد من الطفيليات مثل طفيل الحويصلات الهوائية والمائية. وأشار إلى أن انتشار الكلاب فى الشوارع يجعل المواطنين عرضة لأخطر وأكثر الأمراض التى تنقلها الكلاب وهو مرض (السعار) الذى يؤدى إلى الوفاة.
كما يسبب قلقا للمواطنين ويعرض الاطفال وكبار السن للخطر أثناء تنقلهم فى حياتهم اليومية.
لافتا إلى أن انتشار الكلاب الضالة يكون أكثر فى أطراف محافظة القاهرة ومحافظات الشرقية والمدن الجديدة .ويوضح أيضا أن معدلات العقر تزداد سنويا حيث زادت من 10إلي15 % عن الأعوام السابقة.
وأشار إلى أن الهيئة العامة للخدمات البيطرية ومديريات الطب البيطرى تستخدم الخرطوش ومادة سلفات الاستركينن فى مكافحة الكلاب الضالة فى الحالات الخطيرة.
وأكد العبد أن المشكلة ليست مشكلة مديرية الطب البيطرى وحدها ولكنها مشكلة مجتمعية، مشيرا إلى أن قانون جمعية حقوق الحيوان ينص على المحافظة على حقوق الحيوانات والمعاملة الآدمية لها واستخدام طرق آمنة للتخلص منها فى حالة تسببها فى مشكلات للمجتمع.
داء الكلب
ويرى العبد أن حل هذه المشكلة فى قيام الهيئة العامة البيطرية بعمل حوار مجتمعى يضم جميع الأطراف المعنية لعمل خطة قومية متوازنة بدعم من الدولة لتنظيم هذه الآليه بطرق محترمة والمحافظة على صحة الحيوان.
وأشارت (نور محمد) طبيبة بيطرية بوحدة الطب البيطرى بالقاهرة إلى أن الدراسات الحديثة حذرت من انتشار فيروس انفلونزا الكلاب وتطوره على نحو سريع وخطير، موضحة أن أعراضه تتمثل فى ضيق التنفس وكحة وخمول وإرهاق وفقدان شهية للإنسان.
وينتقل المرض عند الاقتراب من الكلاب المصابة بالفيروس، كما كان هذا الفيروس ايضا سببا فى وفاة بعض القطط، لذلك يجب الحرص والابتعاد عن الكلاب قدر المستطاع.
رسالة لكل أم
ويؤكد بهاء الشيخ أخصائى طب أطفال إن عقر الكلاب من أخطر وأبشع الإصابات التى يمكن أن يتعرض لها الطفل، موجها رسالة لكل أم قد يتعرض طفلها لذلك ان تقوم بعمل الإسعافات الأولية بغسل المكان المصاب فورا بماء جار وصابون.
ثم رفع المكان المصاب لأعلى وتطهير الجرح بكحول 70%، إذا لم يكن هناك نزيف ثم وضع مرهم مضاد حيوى موضعى وأخيرا تغطية الجرح بغيار معقم والذهاب فورا إلى المستشفى لأخذ المصل وتطهير الجرح فى المستشفي. كما اكد بهاء على عدم خياطة الجرح وبقائه مفتوحا دون غرز وضرورة أخذ المصل لتجنب العدوى بالسعار، لأنها تسبب الموت لا محالة.
ويقول الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمى باسم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي: إنه قد ترددت فى بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى أنباء حول انتشار طفيل الليشمانيات بين الكلاب وانتقاله إلى المواطنين، و تواصل المركز الإعلامى لمجلس الوزراء مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، والتى نفت صحة تلك الأنباء تماماً.
مُؤكدةً أنه لا صحة على الإطلاق لانتشار طفيل «الليشمانيات» بين الكلاب أو انتقاله إلى المواطنين. كما أنه لم يتم رصد أى حالة إصابة أو اشتباه بالاختبارات المعملية التابعة للوزارة بأى محافظة . وشددت الوزارة على أن هذا الطفيل لا ينتقل بالأساس من الحيوان إلى الإنسان، إلا فى حالة تعرضة للدغة من «ذبابة الرمل».
وأن كل ما يتردد فى هذا الشأن مجرد شائعات تستهدف إثارة القلق والذعر بين المواطنين. وأكد محمد القرش سعى وزارة الزراعة الدائم لحل أزمة تفاقم الكلاب الضالة، لافتا إلى استعدادها للتعاون الشامل مع جمعيات الرفق بالحيوان لتحقيق المواجهة الشاملة لهذه الظاهرة، للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين.
غياب ثقافة الرفق بالحيوان
وتقول دكتورة مى حامد عضو هيئة تدريس بكلية الطب البيطرى و ممثل المرأة عن مصر بالاتحاد العام للبيطريين العرب أن مشكلة الكلاب الضالة اخذت حجما كبيرا علي «السوشيال ميديا» مبالغا فيه على عكس الحقيقة نتيجة الاخبار المنتشرة عن عنف الكلاب الأمر الذى يسبب مزيدا من الذعر للمواطنين وإن كانت هناك بعض الحالات الفردية لكن ليس الأمر بهذا السوء.
وتتساءل دكتورة مى ــ فى استنكار ــ قائلة :هل جربنا ان نتعايش مع هذه الكلاب؟!
وهل كلاب الشوارع باتت مشكلة شاذة وغريبة تعانى منها مصر وغير موجودة بباقى الدول؟؟!
كيف ذلك ومصر خارج تصنيف أكثر 10 دول فى انتشار الكلاب الضالة والتى يأتى على رأسها الولايات المتحدة والهند وتركيا ولكن أيا من هذه الدول لم تمثل لها الكلاب الضالة مشكلة ، ويرجع ذلك للتعاون بين المواطنين والجهات المسئولة.
بالإضافة الى أن مواطنى هذه الدول على درجة كبيرة من الوعى تجعلهم يتبنون نسبة كبيرة من هذه الكلاب سواء فى المنازل أو أمام المنازل أو بالشلاتر،على عكس الأمر فى مصر التى تنتشر بها ثقافة العنف ضد الحيوان، وبالتالى فكلب الشارع فى أمريكا يختلف عن نظيره فى مصر، فكلب الشارع لدينا أشد عنفا.
ولكن نحن المسئولين كبشر عن عنف الكلاب لعدم وجود ثقافة التعامل والرفق مع الحيوان. وتأكيدا على هذا الكلام فقد قمت أنا وجارتي بتبنى (كلبة وجروها) من كلاب الشارع وكان سلوكهما عدوانيا فكنا نقدم لهما بقايا الطعام المتوفر لدينا والرعاية اللازمة.
وقد شاركنا فى رعايتهما جارى الذى كان يأخذهما للتمشية مع كلبه ،وبعد فترة وجدنا أن سلوك الكلبين تغير تماما وأصبحا كالكلاب المرباة فى المنزل لأنها تلقت معاملة مختلفة، كذلك الامر فى الأماكن السياحية كشرم الشيخ، نجد أن كلاب الشارع هناك بصحة جيدة ولا فرق بينها وبين الكلب المربى بالمنزل لأن معاملة السياح والأجانب لكلاب الشارع جعلتهم ينعمون بقدر من الأمان وبالتالى أصبح عندهم سلوك فطرى سوي.
فيما ترى د .مى أن نظرة الأجنبى لكلاب الشارع مختلفة فهو يتمتع بثقافة التعايش،فنجده يقدم لها الطعام والشراب ويرى أنها من الكائنات النافعة،
مشيرة إلى أنه إذا تدخل الإنسان في دائرة الحياة التى خلقها الله يحدث خلل بيئى ،فالكلاب ايضا لها دورة حياة معينة وعمر افتراضى معين فهى تتغذى على كائنات وعندما ينتهى عمرها الافتراضى تعود إلى التربة مرة أخرى حتى يستفيد منها النبات والغلاف الجوى وهكذا.
ولفتت الانتباه إلى أن سلالة كلاب الشارع المصرية يمكن الاستفادة من وجودها بدلا من التركيز على السلبيات إذا احتذينا بالتجربة التركية فى التعامل مع كلاب الشوارع .فقد قامت الجهات المسئولة
بتجميع الكلاب و إيداعها فى مكان مخصص تتلقى فيه التطعيمات اللازمة لها كى تحميها من أهم الأمراض الموجودة والتى ممكن أن تنتقل للبشر وعلى رأسها مرض السعار والذى يجعلنا نخاف من الكلاب الضالة.
وأوضحت أنه ليست الكلاب فقط المسئولة عن نقل مرض السعار للإنسان فأى فصيلة «تعض» تنقل المرض كالقطط والفئران .والسعار ينتقل للإنسان حتى إذا «عض» الإنسان المصاب إنساناً آخر فتنتقل له الإصابة.
كما ترى د .مى أن عدد الكلاب فى مصر متوازن مع النظام البيئي، ولكن التعامل معها يحتاج إستراتيجية أفضل، ولابد من أن يكون هناك تعاون بين المواطنين ومنظمات المجتمع المدنى وجمعيات الرفق بالحيوان.
واضافت أنه من الممكن الاستفادة من الكلاب الموجودة بأماكن إيوائها «الشلاتر»باستقبالها طلبة الطب البيطرى وتدريبهم على الكلاب الموجودة بها، فهناك الكثير من الحالات المصابة أو حالات الولادة أو الجراحة وما إلى ذلك من حالات يستفيد من التدريب عليها طلبة الطب البيطرى.
وبهذا فإنها تحد من أزمة تدريب طلبة الطب البيطرى نتيجة لقلة عدد المستشفيات البيطرية بمصر، وأنه من الصعب تدريبهم فى العيادات البيطرية الخاصة والتى يرفض أصحابها ذلك وبهذا يظهر لنا التكاتف والتعاون بين منظمات الرفق بالحيوان وبين مساعدة المؤسسات التعليمية للقيام بدورها.