عبدالحق خرباش.. 02.04.2023
صحافة الحلول..النظرية والتطبيق
يعرف يوشنا إكو وهو الباحث الإعلامي الأميركي وهو رئيس ومؤسس مركز الإعلام ومبادرات السلام في نيويورك صحافة الحلول بأنها نوع من التقارير الإعلامية يتضمن استجابة قوية لمشاكل المجتمع.
وهي صحافة كاملة لا تكتفي بتسليط الضوء على المشاكل بل تتتبع الأصل من أجل إيجاد حلول، وهذا الشكل من الصحافة ينشط المواطن ويحفز أدوات المحاسبة لإحداث تغيير ذي معنى.
فهي تبحث في كيفية تجاوز مشكلة اجتماعية ورصدٌ للنجاح أو الفشل في تجاوز المشكلة.
وتطرح صحافة الحلول حلولاً في التعامل مع المشكلة بدل الاكتفاء بوصفها فهذا النوع من الصحافة يتطلب صحافة صارمة تعتمد على الإثباتات للاستجابة للمشكلات الاجتماعية
أولاً: القصة تفسّر أسباب مشكلة اجتماعية
إذا كانت القصة لا تتناول استجابة لمشكلة اجتماعية معينة سواء نجحت في ذلك أو لم تنجح، فلا يمكن أن نصنف هذه القصة تحت مظلة صحافة الحلول.
ثانياً: على القصة أن تصف الحلّ حتى تصبح فعلياً قصة في صحافة الحلول.
ثالثاً: يجب ألّا تكتفي القصة بعرض الحل بل عليها أن تشرح كلّ الخطوات والتفاصيل التي تجعل الحلّ ممكناً ويجب أن يكون الحلّ مركزياً في عملية السرد
وتلخص الدكتورة أروى الكعلي أستاذة الصحافة وعلوم الإخبار في تونس صحافة الحلول كما يلي:
أنه وحتى نصنف قصة على أنها في (صحافة حلول) يجب أن يكون الحل هو أساس السرد من جهة، وأن يتم احترام منهجية محددة وأن تتضمن القصة الأدلة والبراهين على نجاعة الحل والحدود، وإمكانات إعادة تطبيق التجربة.
وإلا ستتحول إلى ريبورتاج دعائي أو قصة انطباعية.
وتشير إلى أن: «الصحفي ليس من يقدم الحل أو يتوصل إليه بل ينقل نجاح تجربة ما ومدى إمكانات إعادة تطبيقها حتى وإن كانت الحدود ستجعل القصة أقل جاذبية، ولكنها ستكون عملية».
كما تؤكد أن (صحافة الحلول) غير مكلفة ولا تتطلب مهارات إضافية مثل (صحافة البيانات) ولكنها تتطلب تدريباً وتوجيهاً وأيضاً مرونة لتطبيقها في غرف التحرير، أو إقناع رؤساء التحرير بطرح جديد .
نشرت صحيفة الشرق الأوسط نقلاً عن فتحي أبو حطب الخبير الإعلامي المصري، مقالاً يوضح فيه أن «الهدف من صحافة الحلول هو الضغط لإيجاد حلول للمشاكل بطرح أفكار جديدة، وهو أمر مختلف عن الترويج للمشاريع الذي تتبعه بعض الصحف»
ويوضح أبو حطب لـ«الشرق الأوسط» أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن أحد أسباب نفور الناس من متابعة الصحف هو طرحها للمشاكل طوال الوقت.
ومن هنا جاءت فكرة صحافة الحلول كوسيلة إيجابية لطرح المشاكل مع الحلول… وبالتالي صحافة الحلول هي وسيلة للنقد والاعتراض لكن بطرح حلول واضحة
أفادت دراسة نشرها مركز المشاركة الإعلامية بجامعة تكساس بأن صحافة الحلول تستطيع مواجهة مشاكل كثيرة تعاني منها غرف الأخبار، لاسيما تلك المتعلقة بانطباعات الجمهور عن مدى سلبية الأخبار وتراجع نسب قراءة ومتابعة الأخبار
وأفادت الدراسة بأن كثرة من المؤسسات الإعلامية تعمل حالياً على تحقيق موازنة الأخبار السلبية، عبر تقديم تقارير إيجابية عن قصص نجاح، وأبطال يصنعون فرقاً في مجتمعهم
وبحسب أروى الكعلي أستاذة الإعلام في معهد الصحافة وعلوم الأخبار بتونس تقول : في العالم العربي انطباع بأننا نحتاج إلى الصحافة التقليدية القائمة على نقل المشاكل وتسليط الضوء عليها، وذلك لكثرة التحديات والمشاكل التي نواجهها. وهنا قد تبدو صحافة الحلول أو المقاربة الإيجابية في الأخبار أمراً ثانوياً.
ومن ثم تشدد على أن صحافة الحلول يجب أن تقوم على جمع المعلومات، وإبراز نجاعة الحل، وتقديم الأدلة على ذلك والأهم حدود هذا الحل وكيفية إعادة تطبيقه
أما أبو حطب فقال عن تجربة صحيفة «المصري اليوم» الخاصة في مصر مع هذا النوع من الصحافة إن: «الصحيفة كانت تتعاون مع مؤتمر صحافة الحلول لنشر صفحات سنوية مع صحف أخرى في العالم، لكن الأمر لم يتخط ذلك ولم يتحول إلى أسلوب صحافي مستقر في الصحيفة مشيراً إلى أن الصحف العربية تتعامل مع صحافة الحلول كأسلوب للنشر ليس إلا
٩
وفق تقرير معهد رويترز عن الإعلام لعام 2022 فإن برنامجاً تلفزيونياً يحمل عنوان
«حُلت أو ضاقت» Solved or Squeezed
يُقدم بالشراكة بين معهد الصحافة البناءة في الدنمارك ومحطة تلفزيونية محلية، تقوم فكرته على وضع أحد السياسيين في غرفة مغلقة وعرض مشاكل عليه ليتولى حلها خلال عشرين دقيقة وإلا ضاقت الغرفة عليه.
ويقول التقرير إن هناك تساؤلات بين صناع الإعلام حول الطريقة التلقائية لتقديم الأخبار، إذ يبحث كثيرون منهم الآن عن طرق بديلة لتحقيق مزيد من التفاعل، وتشير إلى أن الدراسات تقول إن صحافة الحلول تجتذب الشباب، وأن الناس تشعر بأنها أكثر معرفة وقدرة بعد قراءة أو مشاهدة قصص صحافة الحلول.
ركائز أساسية لصحافة الحلول
تضع الشبكة الدولية لصحافة الحلول أربع ركائز أساسية لهذا النوع من الصحافة:
وهي التركيز على عرض حلول أو استجابات لمشاكل المجتمع وبيان كيف تعمل هذه الحلول، ولماذا لا يتم تفعيلها، و توضيح ما الذي يمكن تعلمه من هذه الاستجابات، ولماذا هي مهمة لجمهور غرف الأخبار، وجمع الأدلة والنتائج الشاملة التي تثبت فاعلية هذه الحلول، وأخيراً رسم الحدود ووضع الحلول في سياقها، وبيان مدى إمكانية تنفيذها ماديا، ومدى ملاءمتها للبيئة.
وتوضح الأكاديمية التونسية أن “الانطباع العام الذي يحدثه لدينا الانحياز السلبي في الأخبار من قبيل أننا لا نستطيع فعل شيء حيال الأمر، هو أحد الأسباب التي تدفع الناس إلى تجنب متابعة الأخبار، لذا فإن إقدام الصحافة على تقديم حلول قد يفتح المجال أمام تفاعل الجمهور مع القصص الصحافية بشكل مختلف
لا يعتقد يوشنا إكو، الباحث الإعلامي الأميركي وهو رئيس ومؤسس مركز الإعلام ومبادرات السلام في نيويورك ومؤسس موقع “ذا سوليوشن نيوز” The Solutions News
أن صحافة الحلول ستكون هي مستقبل الصحافة إلا أنه قال في تصريحات لـ الشرق الأوسط أنها ستكون أكثر وضوحا كجزء من الدور المحوري للإعلام في الدول الديمقراطية وفي وضع السياسة العامة.