من المسئول عن تشييد الطرقات الخاصة بالتجزئات بالمغرب..تجزئة جديدة بتازة
يتأسف الإنسان المغربي ، الذي يدفع ما جمعه طوال مسار حياته لشراء بقعة أرضية لتشييد مسكن فوقها ، ويطمح كذلك أن يرى التجزئة بمواصفات قانونية ، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ، المنظر من التجزئة الجديدة قبالة الغابة بالحي الحسني لا يبشر بالخير ، طرق جديدة ولا زالت كذلك جرفتها المياه ، هنا نسائل مكتب الدراسات ، المقاول ، الجماعة ، السلطات ، ماذا هناك ..؟
هل الودادية خذلت من طرف هؤلاء ..؛ هل الطرق تنجز على التراب ، هل المكان يحتاج للأشياء الصارمة وثم تغميض العين ؛ ما ذنب المواطن الذي سيقطن بها ، إذن من هنا تدفع الدولة الثمن في الإحتجاجات ، المقاول و مكتب الدراسات وغيرهما يربحون المال ، والملحة العامة تبق معلقة ، هنا لابد من فتح تحقيق جدي ومحاسبة كل متورط في الفعل ، ليكون عبرة لكل التجزئات بالإقليم المتملصة من أعمال سليمة لتشييد الطرق والمرافق الحيوية .
المسؤولية الجنائية للمخالف :
المقصود بالمسؤولية الجنائية، الأثر القانوني المترتب عن الجريمة والتي تقوم على تحمل الفاعل للجزاء الذي تفرضه القواعد القانونية الجنائية بسبب خرقه للأحكام التي تقررها هذه القواعد.
– فالمسؤولية الجنائية تعني تحمل نتائج ما ترتب عن الفعل المجرم. ويمكن تصورها في القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل جرمه القانون مما تسبب في إلحاق ضرر بالمجتمع ؛
– وقد عدد المشرع المغربي الوقائع التي ترتب المسؤولية الجنائية وذلك في الفصل 132 من القانون الجنائي الذي جاء فيه أن :
– كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤولا شخصيا عن :
ü الجرائم التي يرتكبها ؛
ü الجنايات أو الجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها ؛
ü محاولات الجنايات ؛
ü محاولات بعض الجنح ضمن الشروط المقررة في القانون….
– وفي إطار تحديد المسؤولية الجنائية في مجال التعمير، يتعين التمييز بين مسؤولية الشخص المخالف ومسؤولية الجهات المكلفة بضبط مخالفات التعمير ومسؤولية المشرفين على الأشغال أو البناء.
ثانيا: مسؤولية الجهات المكلفة بضبط مخالفات التعمير :
حددت قوانين التعمير الأشخاص المكلفين بمعاينة المخالفات المتعــلقة بها، وهم :
– ضباط الشرطة القضائية، ويدخل ضمنهم رجال الأمن الوطني والدرك الملكي الذين يحملون صفة ضابط الشرطة القضائية حسب مفهوم المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية، والباشوات والقواد ؛
– موظفو الجماعات المكلفون بمراقبة المباني أو المفوض لهم بذلك من طرف رؤساء الجماعات المحلية : ويدخل ضمنهم المهندسون والمهندسون المعماريون والتقنيون وكل موظف بالجماعة يعتمده رئيس مجلس الجماعة لذلك ؛
– الموظفون التابعون لإدارة التعمير والمكلفون بهذه المهمة [3].
– موظفو الدولة الذين يعتمدهم الوزير الكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية، أو كل خبير أو مهندس معماري، كلف بهذه المهمة بصفة استثنائية من طرف رئيس مجلس الجماعة المعنية أو إدارة التعمير.
والملاحظ أن المشرع المغربي جعل ضباط الشرطة القضائية ومن ضمنهم الباشوات والقواد وضباط الشرطة القضائية المنتمين لجهازي الأمن الوطني والدرك الملكي، في قائمة الأشخاص والجهات المكلفة بضبط مخالفات قوانين التعمير، وذلك حتى لا يترك المجال للجهات الأخرى التي لها ارتباط بالبناء والتعمير، وحدها القيام بمهمة ضبط المخالفات المتعلقة بالتعمير والبناء والتجزئات.
– إن الجهات المكلفة بضبط مخالفات قوانين التعمير، تكون مسؤولة جنائيا في حالة تقصيرها أو تغاضيها عن القيام بمهامها. فقد نص الفصل 250 من القانون الجنائي على معاقبة كل موظف عام تولى استغلال نفوذه أو وضعيته الإدارية لتمكين الغير من الاستفادة والحصول على امتياز، بجريمة استغلال النفوذ. وهي جنحة يعاقب عليها بالحبس من 4 سنوات إلى 10 سنوات. دون الإشارة إلى جريمة الارتشاء في حالة ثبوت طلب أو قبول عرض أو وعد أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل التغاضي عن تسجيل المخالفة المرتكبة.ثالثا:- مسؤولية المشرفين على الأشغال أو البناء :
يعتبر بمقتضى المادتين 76 من قانون التعمير و67 من قانون التجزئات العقارية رب العمل والمقاول الذي قام بالأشغال والمهندس المعماري والمهندس المختص أو المشرف الذين صدرت منهم أوامر نتجت عنها المخالفة، مشاركا للمخالف، وتترتب مسؤوليته الجنائية نتيجة ذلك. وهو مقتضى جديد للمشارك حسب قوانين التعمير يضاف إلى المشارك الذي نص عليه الفصل 129 من القانون الجنائي[4].
– من الملاحظات التي تؤاخذ عليها قوانين التعمير أنها لم تكن واضحة بخصوص مسؤولية رئيس المجلس الجماعي أو رئيس مجلس المدينة الذي أصبح يتولى مهاما كبيرة و واسعة خاصة في المدن الكبرى، التي تتأثر أكثر من غيرها في حالة تفشي ظاهرة البناء بدون ترخيص أو القيام بتجزئات غير قانونية، وتغاضي رئيس مجلس المدينة عن ضبط المخالفات وإشعار المسؤولين المحليين من عمال و ولاة بذلك.
– لذلك يمكن أن تثار مسؤولية رئيس المجلس الجماعي أو رئيس مجلس المدينة ومساءلته جنائيا كفاعل أصلي عندما يتولى تسليم رخصة بناء لا تتوفر فيها الشروط القانونية، طبقا لمقتضيات الفقرة 2 من الفصل 361 من القانون الجنائي التي نصت على أن الموظف الذي يسلم أو يأمر بتسليم وثيقة تصدرها الإدارة العامة أو يمنح ترخيصا لشخص يعلم أنه لا حق له فيه، يعاقب بالحبس من سنة إلى 4 سنوات وبغرامة من 250 إلى 2500 درهم، ما لم يكون فعله جريمة أشد، أي جريمة الارتشاء طبقا للفصل 248 من القانون الجنائي أو جريمة استغلال النفوذ طبقا للفصل 250 من القانون الجنائي، عند توافر شروطهما.
– كما قد يتعرض رئيس المجلس الجماعي أو رئيس مجلس المدينة إلى الحكم بالحرمان من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية من 5 إلى 10 سنوات.
– إذ ثبت أنه سلم ترخيصا لا يستوفي الشروط أو دون استشارة الجهات المعنية التي ألزم مرسوم 12 أكتوبر 1993 استشارتها[5]، اعتبر مرتكبا لجريمة التزوير إضرارا بالخزينة العامة أو بالغير، ويعاقب حسب الفصل 367 من القانون الجنائي، باعتباره مرتكبا لجناية التزوير في المحررات العامة أو الرسمية أو مرتكبا لجنحة التزوير في محرر خاص.
– كما يمكن أن تثار مسؤولية رئيس المجلس الجماعي أو رئيس مجلس المدينة بصفته مشاركا في المخالفات المرتكبة، إذا ثبت تغاضيه عن معاينة المخالفات وإثباتها وعن تقديم الشكايات ضد المخالفين أمام النيابة العامة وعدم قيامه بإشعار العامل المختص بهذه المخالفات، مما شجع المخالفين على التمادي في المخالفات وتشييد مدن ومناطق آهلة بالسكان الذين يقطنون منازل عبارة عن صناديق إسمنتية.
لذلك نجد الفصل 129 من القانون الجنائي يعتبر من حرض على ارتكاب الفعل المجرم عن طريق إساءة استغلال السلطة أو الولاية، مشاركا في الجريمة :
– والتحريض يمكن تصوره في صورة التصرف الإيجابي، كما يمكن تصوره في صورة التصرف السلبي من خلال التغاضي عن ضبط المخالفات والتشجيع على إيواء المخالفين أو تسليم رخص غير قانونية، وغيرها من التصرفات السلبية ؛
– ومسؤولية رئيس المجلس الجماعي أو رئيس مجلس المدينة كشريك للمخالف الذي خالف المقتضيات القانونية بحصوله على ترخيص غير قانوني أو ارتكابه إحدى الأفعال المخالفة لقوانين التعمير، تجعله يعاقب بالعقوبة التي قررها القانون لهذه الجنح ؛
ولابد من الإشارة إلى أنه في حالة ضبط المخالفة من طرف إحدى الجهات المختصة، نميز بين ضبطها في إطار قانون التعمير وبين ضبطها في إطار قانون التجزئات العقارية لتحديد بعض أوجه المسؤولية الجنائي.
المبحث الثاني : إجراءات مراقبة وزجر انتهاكات المجال العمراني
المطلب الأول: مسطرة معاينة المخالفة
كرست النصوص القانونية المنظمة لزجر المخالفات في مجال التعمير، خاصية الازدواجية في مسطرة المراقبة والتعدد في المتدخلين المكلفين بالزجر، وسنتناول تباعا إجراءات المسطرة الإدارية والمسطرة القضائية.
أولا: : المسطرة الإدارية
تتكون المسطرة الإدارية من إجراءات تتعلق بمعاينة الخروقات وإتباثها وأخرى تتعلق بالتدخل الإداري لزجرها وإنهائها.
1- معاينة وإتباث انتهاكات المجال العمراني :
لمعاينة وإتباث انتهاكات المجال العمراني تم تحديد نوعين من الأجهزة، بمقتضى المادة 64 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير والمادة 66 من قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وكذا بموجب المادة 20 من قانون 22.01 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.255 بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2009) المتعلق بالمسطرة الجنائية، كما تم تغييره وتتميمه. وهذه الأجهزة هي كما يلي:
§ ضباط الشرطة القضائية :
وهي أجهزة ذات ولاية عامة تم تحديد اختصاصاتها بالمواد من 18 إلى 24 ومن 56 إلى 77 من قانون المسطرة الجنائية، غير أن المشكل بالنسبة لهذا النوع من الأجهزة يكمن في أنها مجرد إمكانية وصلاحية نظرية تبدو غير مفعلة في مجال مراقبة خروقات التعمير، وذلك على الأقل قبل أن تصدر بعض الدوريات السابق الإشارة إليها، ومنها الدورية المشتركة عدد 2911 بتاريخ 12 ماي 2008 حول تقعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بمراقبة التعمير والبناء.
§ المأمورون المكلفون بمعاينة الخروقات :
انسجاما مع المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على إسناد بعض مهام الشرطة القضائية إلى بعض موظفي وأعوان الإدارات والمرافق العمومية، على أن تتولى نصوص خاصة تنظيم ممارستهم لاختصاصاتهم وتبين شروط ذلك وحدوده، فقد خولت كل من المادة 64 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير والمادة 66 من قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات مهام معاينة المخالفات إلى مجموعة من العناصر هي :
– موظفو الجماعات المكلفون بمراقبة المباني أو المفوض لهم بذلك من طرف رؤساء المجالس الجماعية ؛
– الموظفون التابعون لإدارة التعمير والمكلفون بهذه المهمة ؛
– موظفو الدولة المعتمدين من طرف الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية ؛
– كل خبير أو مهندس معماري مكلف بصفة استثنائية من طرف رئيس مجلس الجماعة أو إدارة التعمير.
كما تقضي مختلف القوانين المحدثة للوكالات الحضرية على إحداث هيئة مأمورين تابعين لهذه المؤسسات.
ومن شأن إقحام عناصر بعيدة عن القطاع في معاينة خروقات التعمير أن يطرح عدة مشاكل، بعضها تقني والآخر مرتبط بالفعالية والحماس المطلوبين خصوصا في ظل تبعيتهم إداريا لسلطة رئاسية غير التي يمارسون اختصاصات المراقبة تحت مسؤوليتها، إضافة إلى ما يمكن أن يثار من إشكالات بمناسبة منازعات الإلغاء والمسؤولية الإدارية.
ومن جهة أخرى، فإن من شأن تعدد مراجع مزاولة هذه المهام، أن ينعكس بشكل سلبي على ضمانات الحماية القانونية للعناصر المكلفة بالمراقبة خصوصا وأنها تضطر إلى دخول أوراش البناء وتبقى في نظر بعض العامة غير مرغوب فيها.
هذا ويعهد إلى أجهزة معاينة انتهاكات المجال العمراني القيام على الخصوص بما يلي :
– تحرير محاضر المخالفات المرتكبة والمعاينة وفقا لشكليات ومضامين محددة ؛
– توجيه هذه المحاضر إلى كل من العامل ورئيس المجلس الجماعي ومرتكب المخالفة بالنسبة لمخالفات البناء، وإلى نفس هذه الجهات بالإضافة إلى السيد وكيل الملك فيما يخص الخروقات المتعلقة بالتجزئات.
القوة الثبوتية للمحضر:
لم يبين المشرع، القوة الثبوتية للمحاضر التي يتم تحريرها بشأن معاينة الجرائم المتعلقة بالمجال العمراني.
وطبقا للمبادئ العامة، المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، فإن المحاضر المحررة من طرف ضباط الشرطة القضائية بشأن التثبت من الجنح والمخالفات، ومن بينها الجرائم المتعلقة بالمجال العمراني يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات. (المادة 290 قانون المسطرة الجنائية).
ويقصد بمضمن المحضر، الوقائع التي شهد ضابط الشرطة القضائية بمعاينتها أو بحدوثها أمامه.
كما أن القانون، لم يحدد وسائل معينة لإثبات ما يخالف محضر البحث التمهيدي، ولذلك يمكن تحقيق هذا الإثبات بأية وسيلة، كشهادة الشهود والقرائن والخبرة، ولكن لا يقبل لمخالفتها الادعاء المجرد الغير المعزز بوسائل إثبات تقنع المحكمة أو على الأقل تجعلها ترتاب في صحة ما ضمن في المحضر.
أما باقي المحاضر المحررة من طرف باقي الأشخاص الذين لهم الصفة في تحرير محاضر معاينة الجرائم المتعلقة بالمجال العمراني ، فإن القانون رقم 90-12 وكذا القانون رقم 25.90 قد سكت عن القوة الثبوتية لما جاء في مضمنها ومدى إمكانية الطعن فيها بالزور وإثبات ما يخالفها. وذلك خلافا لما نص عليه صراحة المشرع المغربي بالنسبة للمحاضر المحررة في إطار ظهير 10 أكتوبر 1917 المتعلق بالمحافظة على الغابات وظهير 23 نونبر 1973 المتعلق بقانون الصيد البحري وظهير 9 أكتوبر 1977 المتعلق بمدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
وقد دأبت بعض الأحكام القضائية إلى وصف “محاضر المعاينة” المحررة من قبل الأعوان المكلفين بمراقبة المباني بشأن التثبت من مخالفات التعمير بأنها محاضر يوثق بمضمنها ما لم يطعن فيها بالزور على الرغم من غياب نص قانوني صريح يعطي لها هذه القوة الثبوتية. وتكون باتجاهها هذا قد أنزلت المحاضر المحررة من قبل الأعوان المكلفين بمراقبة المباني منزلة المحاضر المحررة من قبل ضباط الشرطة القضائية. فقد جاء في إحدى الأحكام القضائية: “وحيث إن المحاضر المنجزة من طرف الموظفين الذين عهد لهم القانون بالتثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمنه ما لم يطعن فيه بالزور.
وحيث إن محاضر الضابطة القضائية يوثق بمضمنها ما لم يثبت ما يخالفها[6]”.
وفي حكم آخر: “وحيث إن المحاضر المنجزة من طرف أعوان مصلحة التصميم يوثق بمضمنها ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور[7]”.
وفي آخر : ” … وعند استجواب الظنينة من طرف الضابطة القضائية، اعترفت ببناء محل للسكنى … بدون حصولها على رخصة من قبل الجماعة.
وحيث إن محاضر الضابطة القضائية يوثق بمضمنها ما لم يثبت ما يخالفها[8]”.
وقد كان حريا على المشرع، أن يحدد لنا بنص صريح القوة الثبوتية لمحاضر معاينة مخالفة البناء بدون رخصة وغيرها من مخالفات التعمير، ومدى إمكانية الطعن فيها، كما فعل في باقي الجرائم المنصوص عليها بمقتضى نصوص خاصة
المطلب الثاني: زجر انتهاكات المجال العمراني :
تدعيما لمراقبة المجال العمراني قسم المشرع مسؤولية الزجر بين رئيس المجلس الجماعي والعامل، كل فيما يخصه.
§ مسؤولية رئيس المجلس الجماعي :
يتـولى رئيس المجلس الجماعي في زجر انتهاكات المجال العمراني القيام بما يلي:
– إصدار الأمر بإيقاف الأشغال المخالفة التي في طور الإنجاز؛
– توجيه إعذار بوقف الأشغال المخالفة فيما يخص مخالفات الأشغال التي يمكن تداركها ولا تشكل إخـلالا خـطيرا لضوابط البناء والتعمير، وذلك في أجل لا يقل عن 15 يوم ولا يتجـاوز 30 يوما ؛
– إيداع شكاية لدى السيد وكيل الملك، قصد تحريك المتابعة القضائية وسحب هذه الشكاية للتخلي عن المتابعة عند امتثال المخالف ؛
– إحاطة السيد العامل بجميع الإجراءات والتدابير التي يقوم بها في ميدان زجر انتهاكات المجال العمراني.
§ مسؤولية العامل في ميدان الزجر الإداري :
يتولى العامل مهمة توقيع بعض الجزاءات الإدارية التالية :
– الأمـر بهدم البناء المخالف أو إعادة حالة الأرض موضوع تجهيز إلى ما كانت عليه داخل أجل محدد ؛
– الأمر بالهدم تلقائيا وعلى نفقة المخالف وذلك :
§ عند عدم امتثال المخالف للأوامر الصادرة له إما من رئيس المجلس أو العامل سواء بإيقاف الأشغال أو بهدم البناء أو التجهيز المخالف ؛
§ في الحالة التي تشكل فيها المخالفة خطورة كبيرة كالبناء بدون رخصة أو البناء في منطقة غير قابلة للبناء، وذلك بعد إيداع الشكوى ونسخة من الإعذار من طرف رئيس المجلس لدى وكيل الملك المختص.
– القيام تلقائيا بهدم كل بناء أقيم على ملك من الأملاك العامة، على نفقة المخالف بدون التقيد بأي من الشكليات المشار إليها.
أولا : المسطرة القضائية.
لا يحول انتهاء المخالفة سواء بفعل تدخل السلطة الإدارية أو بتراجع مرتكب المخالفة، دون إجراء المتابعة ولا يترتب على ذلك انقضاؤها إذا كانت جارية[9]، وذلك وفقا للمادة 71 من قانون 25.90 والمادة 70 من قانون 12.90.
لذلك هناك مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى توفير حماية جنائية للمجال العمراني، وضمانات قانونية للمواطنين، وتتكون أساسا من :
– ضرورة تحرير محضر معاينة وفقا للشكليات والمعطيات المطلوبة ؛
– إيداع شكوى لدى النيابة العامة من طرف رئيس المجلس الجماعي مرفقة بإعذار فيما يخص مخالفات أحكام القانون 12.90؛
– التخلي عن المتابعة في حالة سحب الشكوى عند امتثال المخالف للأوامر الصادرة عن رئيس المجلس بالنسبة للمخالفات التي يتم تداركها ؛
– توقيع جزاءات جنائية تتضمن فرض غرامات مالية والحكم بهدم البناء والأشغال المخالفة.
هذا ويحكم بضم الغرامات عند تعدد الانتهاكات[10]وبمضاعفتها عند حالات العود[11].
غير أن الممارسة أثبتت وجود صعوبات بالغة تؤثر على سير وفعالية تطبيق هذه المسطرة وتؤدي إلى عدة نتائج تؤثر سلبا على سير هذه المسطرة، خصوصا إذا ما أضيفت إلى جملة من الإكراهات الميدانية.
المطلب الثالث: طبيعة الجريمة في قانون التعمير:
تحديد مفهوم الركن المادي لجريمة البناء بدون رخصة
لابد في كل جريمة من كيان مادي يعبر عن حقيقتها المادية. وهذا الكيان لا يظهر في العالم الخارجي، ولا يكون له وجود فيه، إلا بقيام الشخص بأفعال مادية محسوسة، نص القانون على تجريمها[12].
وعلى هذا الأساس، فإن الركن المادي للجريمة يتكون من ثلاثة عناصر:سلوك صادر عن الجاني، نتيجة يحققها هذا السلوك وعلاقة سببية تربط السلوك بالنتيجة.
والركن المادي في جريمة البناء بدون رخصة، يتكون من عنصرين : إقامة أعمال بنائية وعدم الحصول على رخصة[13].
فتحديد الأعمال الخاضعة لرخصة البناء مسألة أساسية ودقيقة في نفس الوقت، فهي أساسية، لأن بهذا التحديد سيتسنى لكل راغب في القيام بأي صنف من أصناف البناء، معرفة -مسبقا- ما إذا كان عمله يستلزم ضرورة الحصول على رخصة البناء. وبالتالي يخضع لكل المقتضيات القانونية المنظمة للأبنية، أم أن الأمر ليس كذلك. وبالتالي فهو معفى من كل ما سبق ذكره. وهي مسألة دقيقة لأن المشرع لم يحدد نوعية الأشغال والأعمال الخاضعة لرخصة البناء، الأمر الذي سيخلق معه اضطرابا واختلافا في الرأي[14].
فالمشرع المغربي، نص في المادة 40 من قانون التعمير على أنه: “يمنع القيام بالبناء دون الحصول على رخصة لمباشرة ذلك ……”. وفي الفقرة الأخيرة من نفس المادة، يؤكد المشرع على أنه : “يجب الحصول على رخصة البناء كذلك في حالة إدخال تغييرات على المباني القائمة إذا كانت التغييرات المزمع إدخالها عليها تتعلق بالعناصر المنصوص عليها في الضوابط المعمول بها.”
كما نص في الفصل 7 من ظهير 25 يونيو 1960 المتعلق بتوسيع نطاق العمارات القروية على أنه:”يمنع في العمارات القروية المتوفرة على تصميم خاص بتوسيع نطاقها تشييد أية بناية دون الحصول على إذن بالبناء ……”.
وتبعا لذلك، يمكن القول أن مصطلح البناء ومصطلح التغييرات اللذين استعملهما المشرع في قانون التعمير مصطلحين مرنين ومطاطيين، يدخل في جعبتهما كل عمليات البناء الممكن تصورها: إنشاء مباني جديدة، إحداث تغييرات، أعمال التوسيع، أعمال التعلية، أعمال الترميم وكذلك أعمال الهدم[15].
وقد استقر الفقه على أن “البناء هو كيان متماسك من صنع الإنسان، متصل بالأرض اتصال قرار”. ويستوي أن يكون البناء معدا لسكن الإنسان، أو إيواء حيوان، أو إيداع أشياء، بل قد لا يكون البناء معدا لشيء من ذلك، فالحائط المقام بين حدين بناء، ويستوي كذلك المواد المستخدمة في البناء، طالما تحقق لها عنصرا التعريف المذكور، سواء كانت بالحجارة أو الطوب أو الإسمنت أو غيرها من المواد …..
وقد أتيحت الفرصة للقضاء المصري لإعطاء تعريف للبناء فقضى : “المراد بالمبنى في خصوص تنظيم وهدم المباني، كل عقار مبني يكون محلا للإنتفاع والإستغلال أيا كان نوعه، ……….. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر بداءة، ما إذا كان هناك بناء بالمعنى الذي عناه القانون بالدور الثاني، وما إذا كان الطاعن أزاله كله أو بعضه، وكان هدم السور وبعض الحوائط لا يتحقق به هذا المعنى، فإنه يكون معيبا بالإخلال بحق الدفاع والقصور”.
وتبعا لما سبق، لا يدخل في حكم البناء المنشآت أيا كانت صفتها أو أوجه استعمالاتها التي تقام من الخشب أو الزجاج، إذ لا تعد تلك المنشآت قانونا من المباني، ولا ينطبق عليها وصف البناء.
وتأخذ الأعمال البنائية صورا متعددة : إنشاء البناء لأول مرة أو توسيعه أو تعليته أو ترميمه أو إحداث تغييرات تمس بضوابطه وهدمه، هذه الأعمال يحظر القيام بها دون الحصول على رخصة من الجهة المكلفة بالتعمير.
* إنشاء البناء : هو إحداث بناء لم يكن موجودا من قبل كله أو بعضه، سواء اتخذ الصورة النهائية المراد من إقامته للإنتفاع به، أو لم يتخذ تلك الصورة بعد، كإقامة الأساسات للبناء فقط.
* توسيع البناء : يقصد بتوسيع البناء، زيادة مساحة المباني القائمة بالفعل، وذلك بإضافة مساحات جديدة إلى حيز البناء القائم من قبل، فيؤدي إلى توسيع المساحة المبنية عن المساحة الأصلية.
* إحداث تغييرات : سواء عن طريق البناء أو الهدم في بناء قائم بالفعل، على نحو يغير من معالم البناء الأصلية ويمس ضوابط البناء.
تعلية البناء : يقصد بالتعلية، الارتفاع بالبناء بإقامة مبان جديدة فوق المباني القائمة، ويكون ذلك بزيادة عدة طوابق بالمبنى القائم، قل عددها أو كثر.
ترميم البناء : يقصد به إصلاح الأجزاء المعيبة من المبنى وملحقاته، سواء كان هذا العيب نتيجة خطأ في الاستعمال، أو نتيجة تلف لكثرة الاستعمال، أو بسبب ما يتطلبه الاستعمال العادي.
هدم البناء : هو إزالة البناء كله أو بعضه، على نحو يفقد معه المبنى المهدوم صلاحيته للإستعمال أو للإنتفاع به.
وكيفما كان الحال، فإنه يجوز للمتهم في جريمة البناء بدون رخصة، الدفع بعدم انطباق وصف “البناء” الذي قصده المشرع على ما أتاه من أعمال موضوع المتابعة.
رابعا:إلغاء الترخيص الضمني
أقر المشرع الرخصة الضمنية للبناء عندما نص في المادة 48 من قانون التعمير على أنه : “في حالة سكوت رئيس مجلس الجماعة تعتبر رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين من تاريخ إيداع طلب الحصول عليها”.
الملاحظ هذا المقتضى استغل بذهاء من طرف بعض رؤساء الجماعات المحلية وخاصة لاعتبارات انتخابية، حيث يتم الاتفاق مع طالب رخصة البناء في عقار لا يسمح القانون القيام فيه بأعمال بنائية بأن طلبه لن يبت فيه لا بالموافقة ولا بالرفض الصريحين، وذلك من أجل تمكينه من تطببيق هذا المقتضى واعتبار هذا السكوت بمثابة رخصة ضمنية للبناء، ليبدأ في الأشغال دون مراعاة لضوابط البناء. الأمر الذي يتعين معه جعل سكوت رئيس المجلس الجماعي بمثابة رفض ضمني تفاديا لكل تحايل في استعمال الترخيص الضمني. مع تحريك مسطرة الحلول محل رؤساء المجالس الجماعية المتقاعسين عن القيام بواجبهم وذلك تطبيقا لأحكام المادة 77 من الميثاق الجماعي.
سادسا: مراجعة العقوبة
1- تفريد العقاب تبعا لخطورة الأفعال
عاقب المشرع في المادة 71 من قانون التعمير بغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم :
كل من باشر بناء من غير الحصول على رخصة البناء بكيفية صريحة أو ضمنية؛
كل حاصل على رخصة بناء يقوم بتشييد بناء خلافا للرخصة المسلمة له، وذلك بتغيير العلو المسموح به أو الأحجام أو المواقع المأذون فيها أو المساحة المباح بناؤها أو الغرض المخصـص له البناء ؛
– كل من ارتكب فعلا من الأفعال المحظورة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 34[16].
وهكذا، يتبين أن العقوبة هي نفسها أي غرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم بالنسبة لأفعال مختلفة ودون تقدير لخطورتها وأثرها السلبي على المجال العمراني، حيث أن المقتضيات الزجرية لم تميز في العقوبة بين البناء بدون رخصة و البناء بدون احترام مقتضيات الرخصة وبين إحداث تغييرات بسيطة وإحداث تغييرات جوهرية، وبين إضافة طابق واحد و أكثر.
لذا، يقترح مراعاة هذه الخطورة والتنصيص على عقوبات مختلفة.
2- تشديد العقوبة
يتعين تشديد العقوبة عند مباشرة أشغال البناء أو الهدم بدون رخصة ليلا أو خلال أيام العطل. وهنا نتذكر كلمة الراحل الملك الحسن الثاني قدس الله روحه، التي رد بها على العامل السابق لعمالة فاس السيد المهدي لمراني : “يلزمني إذن أن أعين عاملا بالنهار وآخر بالليل” حينما استنجد العامل بكون البناء العشوائي يشيد ليلا والتي أوشكت الالتصاق بقصر أحد الأمراء الخليجيين بفاس[17].
3- المنع من مزاولة المهنة:
في حالة الحكم بالإدانة على المهندس المعماري والمهندس المختص والمهندس المساح الطبوغرافي باعتبارهم شركاء في ارتكاب مخالفة لضوابط العمران، فيجوز للمحكمة أن تحكم بمنعهم من مزاولة المهنة لمدة مؤقتة.
4- الحرمان من الصفقات العمومية:
في حالة الحكم بالإدانة على المقاول الذي نفذ الأشغال باعتباره شريكا في ارتكاب مخالفة لضوابط التعمير والبناء، فيجوز للمحكمة أن تحكم بحرمانه من المشاركة في الصفقات العمومية كعقوبة إضافية.
سابعا:التمييز بين المشاركة والمساهمة
إن جريمة البناء بدون رخصة، إما أن يتم تنفيذها من طرف فاعل واحد، فيسمى فاعلا أصليا لها، وإما أن يتم التنفيذ المادي للجريمة من طرف عدة فاعلين، فنكون أمام عدة مساهمين[18].
وفي حالة أخرى، يقوم بالتنفيذ المادي للجريمة بعض الجناة (مساهمون) أو أحدهم (فاعل أصلي). أما الباقون فيقتصر دورهم على توجيه الأوامر، التي نتجت عنها جريمة البناء بدون رخصة، أي أنهم يقومون بأعمال ثانوية، لا تصل إلى مرتبة القيام بكل أو بعض أفعال التنفيذ المادي للجريمة، وبالتالي لا تعتبر مشكلة لوقائع الجريمة بحسب التعريف القانوني لها. وهي الحالة التي عبر عنها المشرع بالمشاركة في الجريمة[19].
وتنص المادة 76 من قانون 12.90 على أنه :”يعد شريكا لمرتكب مخالفة لهذا القانون ولضوابط التعمير أو البناء العامة أو الجماعية، رب العمل والمقاول الذي نفذ الأشغال والمهندس المعماري والمهندس المختص أو المشرف، الذين صدرت منهم أوامر نتجت عنها المخالفة.”
ومما سبق يتبين، أن المشرع جعل المشاركة في جرائم التعمير الواردة في القانون 12.90 قاصرة على بعض الأشخاص من ذوي الصفة من جهة ومحصورة في سلوك معين من جهة أخرى.
فالأشخاص الذين يتصور أن يكونوا محل مشاركة في جرائم التعمير، محددين على سبيل الحصر، في :
1- رب العمل ؛
2 – المقاول الذي نفد الأشغال ؛
3- المهندس المعماري ؛
4- المهندس المختص ؛
5- المشرف.
أما وسيلة الاشتراك في جريمة البناء بدون رخصة، فهي محددة في سلوك واحد، يتمثل في صدور الأوامر من طرف الأشخاص المذكورين أعلاه، وأن تكون هذه الأوامر هي التي أدت إلى وقوع النتيجة الإجرامية.