المرأة الاماراتية … إبهار النموذج
بقلم
سالم الكتبي
أدرك أن المرأة في دولة الامارات لها مكانة مميزة منذ تأسيس الدولة الاتحادية على يد الوالد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ وهي مكانة لا تزال بدعم واهتمام القيادة الرشيدة، كما أدرك أن وراء ما بلغته المرأة الاماراتية على الصعد كافة تقف ورائه سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة (أم الإمارات)، فسموها رائدة حقيقة للعمل النسائي على المستويين العربي والعالمي، ويكفي أن سموها غرست مقومات ودعائم نموذج فريد لابنة الامارات، ويسرت لها السبل كي تصل إلى ما وصلت إليه من مكانة باتت موضع اعجاب وتقدير اقليمي ودولي.
هذا الإدراك من جانبي جعلني اتفهم جيداً ماوراء المؤشرات التي اطلعت عليها مؤخراً في تصريحات الدكتورة نورة السويدي مدير عام الاتحاد النسائي العام بدولة الامارات، التي أكدت فيها أن المرأة أصبحت تشكل 66 % من الوظائف الحكومية في الدولة، ومن ضمن هذه النسبة تشغل المرأة 30 % من الوظائف القيادية العليا المرتبطة باتخاذ القرار، فضلا عن انخراطها في وظائف حيوية بالقوات المسلحة والشرطة وغير ذلك.
الأرقام والاحصاءات والمؤشرات هي مرآة الواقع لا جدال في ذلك، وهي مرآة مشرفة للدولة والمرأة الاماراتية على حد سواء، ولكن ما يهمني شخصيا هو جوهر هذه الأرقام والاحصاءات، بمعنى أنني لا أتعامل مع الأرقام كواقع احصائي مجرد، بل أتعامل معها كمؤشرات حية، وهنا أجد أن واقع المرأة الاماراتية ودورها في تطور تجربتنا التنموية قد يكون أكبر وأعمق بكثير من الأرقام والاحصاءات رغم دلالاتها التي يصعب القفز عليها تحليلياً.
الشاهد في كلامي أن وجود المرأة في مختلف مناحي الحياة ملموس بشكل لافت، بل استطيع أن أقول أن فاعلية الأداء الوظيفي للمرأة الاماراتية في مجالات عملها تبهر الجميع، لاسيما من الزائرين والمقيمين الذين اعتادوا سقفاً نمطياً محدداً للأداء الوظيفي للعنصر النسائي في الوظائف الحكومية والرسمية.
تفسيراً لما سبق، أقول أن الصورة النمطية التي اعتاد الكثيرين عليها في عالمنا العربي تحديداً أن النساء يمثلن قوة وظيفية يمكن الاستغناء عنها في كثير من الأحوال، وأنهن لا يؤدين بالكفاءة ذاتها للموظف الرجل، وهنا في الامارات يبدو الوضع مغايراً تماماً، فقد لاحظت أن شريحة كبيرة من المتعاملين مع الإدارات والقطاعات الحكومية يفضلوا التعامل مع الموظفة ويتمنى كل منهم أن يأتي دوره على “كاونتر” تجلس خلفه فتاة أو سيدة ليحظى بمزيد من المساعدة والخدمات الإدارية، وهذا ليس افتئاتاً على الرجال، ولا طعناً في أدائهم الوظيفي، بل دليل على حجم التنافس الوظيفي والرغبة القوية للمرأة الاماراتية في اثبات جدراتها وتأكيد تميزها الوظيفي، وهنا أجد هذا التنافس في مصلحة العمل ومصلحة دولتنا أن نتنافس جميعاً من أجل إعلاء شأنها.
شهادة ذاتية من جانبي لا أجد لها مرجعاً علمياً موثقاً من دراسة أو استطلاع رأي، ولكني أزعم الموضوعية في توثيقها، وهي أن المرأة الاماراتية تختلف في نمط عملها عن أداء بقية الموظفات في دول عربية وأجنبية كثيرة، وهناك فروقات ملموسة في هذا الإطار منها الجدية والقناعة بأهمية وقيمة العمل الذي تؤديه سواء كانت في المطارات أو إدارات الخدمات الحكومية الأخرى.
استطيع القول أن المرأة الاماراتية تبدو على قناعة راسخة بأنها جزء من منظومة النجاح والتطور التنموي في هذا البلد، وأن عملها ـ مهما كان بسيطاً ـ له مردود ـ سلبي أو ايجابي ـ على هذه المنظومة، وهي قناعة كان يمكن أن نستغرق سنوات طويلة وننفق ملايين الدراهم على غرسها وتكريسها لدى هذا الجيل من الاماراتيات، ولكن يبدو أن طاقات الوطنية والولاء والانتماء لدى أبناء الامارات تفوق بمراحل حاجتنا إلى غرس قيم بعينها، وتعمل على ترجمة هذه الطاقات إلى أسلوب عمل وأداء يومي كل في مجالها.
قد يعتقد البعض أن مقالي هذا متحيز للمرأة الاماراتية ـ وهو بالمناسبة تحيز اُشرف واعتز به ـ وربما يغضب كلامي شريحة من الرجال، ولكن ما يطيب خاطري أنني اتبنى وجهة نظر أزعم أنها منصفة إلى حد كبير، وأن الحماس لدور المرأة وتشجيعها لا يبدأ بي ولا ينتهي عندي، فلا استطيع أن أزعم أنني أسهمت في هذا المجال ولو بشق كلمة، فدعم مسيرة المرأة في الامارات شرف لا أدعيه وإن كنت سأفتخر بأي دور لي في هذا المجال ولكنها الحقيقة لا محال. والحقيقة أيضاً أن هناك رواد وآباء حفروا بجهدهم وحفزوا بأفكارهم وتوجيهاتهم بنات الامارات من أجل أن يصلن إلى ما هن فيه الآن، ولهؤلاء الرواد المؤسسين كل التحية والتقدير والامتنان، لأن الامارات لم تكن لتحلق في سماء الامم والدول المتقدمة من دون أن ترتكز على جناحي الرجل والمرأة ومن دون أن تستفيد من طاقات وجهود بنات الامارات، اللاتي أثبتن أنهن على قدر الطموح والمسؤولية، وأن تحميلهن مسؤوليات كبيرة في مؤسسات حيوية كالجيش والشرطة والمطارات وغير ذلك لم يكن مجازفة غير محسوبة، بل رهان صائب وثقة في محلها.
للمرأة الاماراتية كل التحية والتقدير، ولرائدات العمل النسائي في الامارات، وعلى رأسهن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة (أم الإمارات)، فهي صاحبة الانجاز الحقيقي والمرجعية الأساسية والقوة الدافعة لكل مانراه من إبهار النموذج الاماراتي على صعيد العمل النسائي.