مخيم أدمام .. إقليم تازة باب بودير تحت الرعاية السامية لجلالة الملك ، إنطلقت المخيمات الصيفية بالمغرب ، وشهد إقليم تازة تحت الرعاية الفعلية للمديرية بالإقليم بمعية الشركاء ،تنظيم مخيمات برأس الماء باب بودير أدمام ، وصل العدد 2300 مستفيد .
إليكم ورقة حول المخيمات
يعتبر المخيم في الأساس فضاء تربويا منظما ذا قيمة مضافة يسهم بدوره في تنشئة الأطفال و الشباب ويساعدهم على تفتح شخصيتهم وتدريبهم على تحمل المسؤولية على أسس تربوية بيداغوجية. والسؤال المطروح هو: ماهي الشروط الملائمة الواجب توفرها للرقي بالمخيم حتى يكون ناجحا فعالا وأكثر إفادة وقرب من أهدافه التربوية؟ في ما يلي عرض وتحليل لبعض هذه الشروط: -1 أطر كفأة فاعلة: و المقصود بالكفاءة هنا أن يكون المؤطر /المدرب متمكنا من أهم المهارات التربوية التنشيطية و التو اصلية التي تؤهله ليلعب دوره الموكل إليه برغبة وحب. هذه الكفاءة على المستوى النظري تجد صداها في مدى حركيته ومساهمته في إنجاح البرنامج اليومي و بالتالي البرنامج العام للمخيم.وهذا معنى الفاعلية . و يكتسب المدرب/ المنشط هذه الكفاءة من خلال مختلف التداريب الوزارية خاصة (تحضيري، تكويني، …) و كذلك من خلال التداريب الداخلية على مستوى المؤسسات الجمعوية. هذه التداريب لا سيما الوزارية منها و التي يتلقاها المتر شح لنيل صفة مدرب المخيمات لأنها الأساس لا شك ينبغي أن تكون أكتر عطاء و إنتاجية مما هي عليه الآن حتى تخرج أطرا تربوية فعالة أكثر. هذه الأطر لا بد أن تكون بالمواصفات التالية: أ- ملمة بالجانب المعرفي التنشيطي الذي يؤهلها إلي الاضطلاع بمسؤولياتها المختلفة. ب- متمكنة في الجانب التقني العملي المتمثل في الممارسة الميدانية بالمخيم. ج- ملتزمة بالمبادئ والسلوكيات التربوية التي تجعلها قدوة لإرشاد الأطفال إلى تمثل القيم النبيلة: الدينية منها و الوطنية و الإنسانية، تعزيزا للدور التربوي الذي من المفترض أن تسهر عليه ا لأسرة والمدرسة وغيرهما من مؤسسات التنشئة.
2 – إدارة منسجمة تشار كية: إدارة المخيم ينبغي أن تكون منسجمة على مستويين : منسجمة مع الذات حتى يكون عمل فريقها عملا موحدا سلسا يصب في مصلحة الأهداف المفترضة في مشروعها البيداغوجي. و انسجام إدارة المخيم مع ذاتها لا ينفصل عن انسجامها مع الأخر ( مؤطرين، أباء و شركاء… ) في مختلف مراحل الإعداد و التنفيذ والتقويم، وهنا معنى التشاركية في تخطيط البرامج و أجرأتها، و تقييمها، وذلك يكون عبر مد جسور التواصل مع كل الأطراف. فعلى سبيل المثال يمكن إشراك الآباء ولم لا المستفيدين أنفسهم في صياغة البرنامج العام المقترح باعتبارهم المستهدفين بكل ما هو مسطر..وقد تكون لهم مقترحات و رغبات و انتظارات. و إدارة المخيم الناجح تتميز بالمواصفات التالية: أ- متابعة مشاركة، موفرة للأجواء التربوية بالمخيم. ب- مكتشفة للأخطاء و المشاكل التي تعترض سير البرنامج. ج- معالجة لهذه الأخطاء في أوانها المناسب وبالطريقة الصائبة.
3 – فئة مستهدفة متجانسة: و أقصد بالتجانس تفييء الأطفال إلى مجموعات/ فرق على أساس مفهوم ديناميكية الجماعة (صغار، متوسطون، وكبار ). وذلك شرط ضروري لتحقيق مفهوم الجماعة المنسجمة بالنظر إلى العناصر المشتركة بين أعضائها (السن، القدرات، الحاجات و الرغبات.. ). إذ من شأن هذا التفييء أن يسهم في اندماج أفراد كل جماعة على حدة و انصهارهم في مختلف الأنشطة التخييمية على أساس التفاعل والتأثير الإيجابي المتبادل.
4 – تغذية متوازنة: حينما نقول التغذية المتوازنة في مخيمات الطفولة و الشباب نعني بها “الاقتصاد الناجح”، فالتغذية المتوازنة تعنى في أبسط تعاريفها “التغذية التي تناسب الفرد من حيت الكمية والنوعية، أي من حيت السعرات الحرارية وباقي العناصر الأساسية الضرورية للنمو ولتزويد الجسم بالطاقة و القدرة على مقاومة الأمراض”. وهي شرط السلامة الصحية في المخيم، باعتبارها ذات علاقة فيزيولوجية وارتباط بالسلوك والنشاط والحيوية. وللغذاء المتوازن في المخيم مواصفات أهمها: أ- غداء يحتوي على الكربوهيدرات، البروتينات، الفيتامينات، العناصر المعدنية، الدهون والماء، كشروط لا غنى عنها حتى تتمكن أجهزة الجسم من أداء وظائفها. كل ذلك لن يتأتى إلا بتنوع مصادر الغذاء. ب- غذاء كاف من حيث الكمية دون إفراط أو تفريط. ج- وينبغي أن تكون الوجبات منتظمة في أوقاتها المحددة قدر المستطاع. ومن شأن هذا النظام الغذائي بالمخيم أن يعود الطفل على عادات غذائية سليمة تعود عليه بالنفع وقد لا يعرفها في وسطه الاجتماعي والأسري من قبل. وبالمجمل فإن الاقتصاد الناجح بالمخيم يقتضي اعتماد برنامج غذائي متوازن يحقق الكفاية كما ونوعا رغم الإكراهات التنظيمية التي قد تعترضه.
5 – بنية تحتية مؤهلة: ما لا يختلف حوله المهتمون بأمر المخيمات حين الحديث عن النقائص التي لا زالت تعتري الميدان رغم بعض الإصلاحات، كون كثير من مراكز التخييم مستوى البنيات التحتية فيها ( من مراقد، مطابخ مجهزة، مخازن الأطعمة، أرضية صالحة للأنشطة، مرافق صحية… ) لا يرقى إلى ما هو مطلوب، بل لا نبالغ إن قلنا أن بعضها لا يتوفر على أدنى شروط السلامة الأساسية. فعلى سبيل المثال كثير من المطابخ تحتاج إلى تجديد لتواكب حاجيات العصر، إذ بعضها لا زال على شكله التقليدي القديم لا تهوية ولا أرضية صالحة. ومراكز أخرى تعرف نقصا في عدد المرافق الصحية، فقد تجد مثلا مرفقين فقط صالحين للاستعمال في مخيم فرعي حمولته أكثر من 200 شخص من كلا الجنسين بمعدل مرفق وحيد لكل 100 شخص، مما لا يعطي معنى لقيمة النظافة والتربية الصحية، فضلا عن غياب مرافق الاستحمام، و ما إلى ذلك. و على علاقة بذلك فتفويت بعض فضاءات التخييم كما في المهدية و الانبعاث و تاغازوت له أثر أخطر على مستقبل مخيمات الطفولة و الشباب ببلادنا.(1) إن فضاء المخيم بجاذبيته و عناصره المادية المريحة يساعد في خلق المناخ التربوي الضروري بما يوفره من ارتياح و انبساط.
6 – الأمن: أظن أن مسألة الأمن في المخيمات الصيفية وغيرها، و أخص بالذكر المخيمات القارة الموجودة في الغابات أو في الجبال أصبحت تفرض نفسها بجدية. و لا أقصد هنا بالأمن عسكرة مراكز التخييم وإنما البحث عن صيغ لحماية مرتادي المخيمات كبارا و صغارا مما قد يقلق راحتهم لا سيما عندما يسدل الليل غطاءه وينال التعب منهم مناله. وأرى أن وجود خيام في غابة مفتوحة مترامية الأطراف دون حراسة ودون أسوار ينبغي أن يثار للنقاش على مستوى الجهات المسؤولة على التخييم . إن الحديث عن العملية التربوية بالمخيم هو حديث عن مكوناتها الكبرى المتمثلة في المؤطرين، البرامج، الفضاء، و الأطفال (أو الشباب )..وغياب أو ضعف أحد هذه المكونات ضعف في المرحلة التخييمية برمتها.