أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي رسميا، المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، في مؤتمر صحفي عقده في مقر أمانته العامة، الأحد، بعد موافقة أغلبية قواعده، وهو ما أثار تساؤلات حول طبيعة الأسباب التي دفعته نحو الذهاب إلى المشاركة بعد مقاطعته لدورتين سابقتين.
فقد تعرّض الحزب لضربة قاسية في آخر انتخابات برلمانية شارك فيها عام 2007 بفوز ستة أعضاء فقط، شابها جدل واسع بسبب اتهامات بعملية شراء الأصوات وتزوير ومطالبات بتعديل قانون الانتخاب، قبل مقاطعته الدورتين الماضيتين 2010 و2013 وفصله منتمين إليه خاضوا الترشح.
ووقوفا على الأسباب التي دفعت الحزب للاتجاه نحو المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، أوضح أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، محمد الزيود، لـ”عربي21″، أن الأسباب التي أوجبت المقاطعة ما زالت قائمة، إلا أن “ظروفا استثنائية” للأوضاع المحلية في الأردن أبرزها الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد، أوجبت مراجعة الحسابات والتوجه نحو المشاركة، “انطلاقا من مسؤوليتنا السياسية والتاريخية”، وفق قوله.
وقال إن قرار المشاركة “استند إلى موافقة 71 في المئة من قواعد الحزب، و81 في المئة من شخصيات أردنية وازنة، استشارهم الحزب حزل المشاركة، وبحسب ما أعلنه الحزب فإن القرار تضمن رأي جماعة الإخوان المسلمين.
وعبّر الزيود عن أمله بأن ينعكس قرار المشاركة بالإيجاب على القوى السياسية والدولة، وأن يشكل فرصة أمام المؤسسة الرسمية للانفتاح على جميع القوى السياسية.
وأكد أن قرار المشاركة جاء سياسيا، موضحا أنه لا يتعلق بالانشقاقات والاستقالات التي شهدها الحزب، مبينا أن “أغلب الاستقالات كان قرار المكتب التنفيذي أن لا تتم الموافقة عليها، وأن من استقالوا معددون على الأصابع، وهم الذين اعترضوا سابقا على الانتخابات الداخلية السابقة في الحزب، وقرروا الاستقالة”.
وعن خطط جماعة الإخوان المسلمين وموقفها من إعلان حزب جبهة العمل الإسلامي المشاركة في الانتخابات المقبلة، رفض أمين سر اللجنة الإدارية الجديدة المؤقتة لجماعة الإخوان، بادي الرفايعة، الحديث عنها، مشيرا إلى أن الموضوع تم إحالته إلى الحزب بشكل كامل، وهو الذراع السياسية للجماعة.
من جهته، ذهب الناشط الحراكي الأردني، أحمد العكايلة، في حديثه لـ”عربي21″ إلى أن مشاركة حزب جبهة العمل لا بد منها، وأنها باتت الخيار الوحيد المتوافر أمامه وأمام جماعة الإخوان الأم، بعد سلسلة الضربات التي تعرضت لها على المستوى السياسي والأمني.
وأشار إلى أنه بات مطلوبا من الحزب إثبات حضور ووجود وبأي صيغة على الساحة السياسية في الأردن.
وعلى الرغم من إشارته إلى أن مبررات المقاطعة التي أقرها الحزب في الانتخابات السابقة ومطالب الحراك الأردني لم يطرأ عليها شيء ولم تجد أذنا صاغية، إلا أنه لفت إلى أن خيار المشاركة يأتي أيضا بسبب حسابات داخلية للحزب والجماعة، لافتا إلى أهمية الحضور في الشارع الأردني.
وأشار في حديثه إلى أن الحراك متفهم لهذه الأسباب، مؤكدا إلى أن جماعة الإخوان تعاني اليوم من مأزق قانوني وشرعي حقيقي.
بدوره، لفت الكاتب والمحلل السياسي الأردني، ماهر أبو طير، في تصريحات صحفية له على مواقع محلية، إلى أن “الإخوان يواجهون مأزقا كبيرا يتعلق بوجود جمعية الإخوان المسلمين المرخصة، ويواجهون جملة عوامل داخلية تضعهم في تعقيد كبير لا بد من فك تعقيداته ولو عبر بوابة الانتخابات، التي قد تعد طوق نجاة بالنسبة لهم”.
وقال إن الإخوان المسلمين يراهنون كثيرا على الانتخابات النيابية المقبلة؛ من أجل استعادة حضورهم وحصتهم التي فقدوها على مدار عقدين من الزمان في المقاعد في المجلس النيابي، وهم معنيون أكثر من غيرهم بالدخول في معركة الانتخابات النيابية المقبلة؛ لأنهم اليوم يبحثون عن الشرعية “الوجودية” من بوابة مجلس النواب.
وكانت السلطات الأردنية قد حسمت علاقتها التاريخية مع جماعة الإخوان المسلمين، حين قررت إغلاق مقرات الجماعة بالشمع الأحمر، بحجة أن الجماعة “غير مرخصة”، وقامت بترخيص جمعية أخرى تحمل الاسم ذاته للمراقب العام الأسبق للجماعة المفصول، عبد المجيد الذنيبات.
وعانت الجماعة التي يعد حزب جبهة العمل الإسلامي ذراعها السياسية، من انشقاقات وخلافات عدة، أبرزها فصل القيادي السابق، الدكتور رحيل غرايبة، إلى جانب آخرين إثر إعلانهم مبادرة “زمزم” السياسية، التي رأى قادة الجماعة أنها تمثل خطوة انشقاقية، وانبثق عنها مؤخرا عن المبادرة حزب جديد بمسمى “زمزم”.
بالإضافة إلى إعلان المراقب العام السابق لجماعة الإخوان في الأردن، سالم الفلاحات، قبل أسبوع في حديثه لـ”عربي21″ تبلور فكرة عامة لحزب وطني جديد، بعيدا عن جماعة الإخوان، في حين أن هذا الإعلان لقي جدلا في أوساط الجماعة، وقد رأى بعضهم أن هذه الخطوة تمثل شرخا جديدا في الجسم الإخواني.
من جانبه، رحب السياسي الأردني النائب السابق في البرلمان، خليل عطية، بإعلان مشاركة حزب جبهة العمل في الانتخابات النيابية المقبلة، وقال لـ”عربي21″، إن هذا قرار “إيجابي”، و”يجب التعاطي معه بكل إيجابية وواقعية”.
وأوضح أن الواقع الأردني يستوجب مشاركة جميع القوى السياسية واستجابتها لنداء الوطن، وتحملها المسؤولية للأزمة التي تمر بها البلاد على أصعدة عدة، مضيفا أن “إعلان حزب جبهة العمل الإسلامي وهو الحزب صاحب الشعبية في الأردن قرار حكيم”، وفق قوله.
وأضاف أن قرار الحزب المقاطعة في الانتخابات السابقة، أثبت مع الوقت أنها “مقاطعة عدمية”، فقد كانت خسارته في الشارع الأردني واضحة، والرجوع عن الخطأ فضيلة.
وقال إن حزب جبهة العمل سيمثل إضافة نوعية لمجلس النواب المقبل.