عبدالحق خرباش .. 01.20.2023
كاتب صحفي مدير النشر للجريدة HAKIKANEWS.NET
العربي الجديد
أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم الثلاثاء، إشارة الانطلاق لتعديل مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) بتكليف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بإعادة النظر فيها، وذلك بعد 19 سنة على دخولها حيّز التنفيذ.
وبالموازاة مع تكليف رئيس الحكومة، أسند العاهل المغربي مهمة الإشراف العملي على إعداد هذا “الإصلاح الهام، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع”، وفق بيان أصدره الديوان الملكي مساء الثلاثاء.
إلى ذلك، دعا ملك المغرب المؤسسات المذكورة إلى أن تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضاً على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
وتقضي توجيهات العاهل المغربي برفع مقترحات التعديلات التي ستنبثق من هذه المشاورات التشاركية الواسعة إليه، في أجل أقصاه ستة أشهر، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على تصديق البرلمان.
وكان العاهل المغربي قد وجه في 31 يوليو/تموز 2022، بمراجعة مدونة الأسرة لتجاوز الاختلالات التي اعترت بعض بنودها، مشدداً على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية في الحياة العامة، وعلى النهوض بوضعها.
واعتبر العاهل المغربي، في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الـ23 لجلوسه على العرش، أن المدونة لم تهدف يوماً إلى تمييز المرأة على حساب الرجل، بل أُعدَّت بغية تمكين المغربيات من حقوقهن الكاملة التي يضمنها لهنّ الدين الإسلامي والدستور المغربي.
ودعا الملك إلى أن تكون التعديلات في إطار الشريعة الإسلامية، ووفقاً للاجتهادات التي يتوافق عليها أهل العلم. وكان صدور مدونة الأسرة في عام 2004 قد شكل حدثاً بارزاً، وكان أقوى تعبير عن الاستجابة للرغبة في تحديث المجتمع والنهوض بأوضاع الأسرة وتحقيق توازنها وحماية حقوق المرأة والطفل وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وإعادة الاعتبار لمؤسسة الزواج ولمسؤولية طرفيها معاً، غير أن مراجعتها أصبحت ضرورة حتمية اليوم، بحسب الحركة النسائية والحقوقية في المغرب.
ودعا المؤسسات الدستورية إلى القيام بعملها، لافتاً إلى أن “التجربة أبانت عن عوائق أمام هذه المسيرة وتحول دون استكمالها لأسباب سوسيولوجية لدى فئة من المواطنين”، مشدداً على ضرورة التطبيق الصحيح لكامل مضامين المدونة وتجاوز العوائق التي تحول دون ذلك.
وبعد 19 سنة على دخولها حيّز التنفيذ، تعالت في الآونة الأخيرة دعوات من الحركة النسائية والحقوقية في المغرب لمراجعة قانون الأسرة ومواكبتها بالتقييم والتقويم لمعالجة النقائص التي أبانت عنها التجربة.
وكان لافتاً انضمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي البيئي (حكومي) إلى الحركة النسائية والحقوقية، حيث قال، في رأي أصدره بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 8 من مارس/ آذار 2022: “آن الأوان لمراجعة مدونة الأسرة، بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور ومضامين الاتفاقيات الدولية التي صدّق عليها المغرب، وبما ينسجم مع طموحات تحقيق التمكين للنساء المغربيات وتعزيز المساواة بين الجنسين المعبر عنها في النموذج التنموي الجديد”.ولفت المجلس إلى أنه “لا يمكن تحقيق المساواة بين النساء والرجال وضمان المشاركة الكاملة للمرأة في جميع مناحي الحياة العملية دون إطار قانوني منسجم مع طموحات البلاد، يضمن للمرأة التمتع بحقوقها كاملة دون أدنى تمييز”.
من جهة أخرى، حدّد المجلس عدداً من الإشكالات والاختلالات التي تعرفها مدونة الأسرة في صيغتها الحالية، منها تضمنها لأشكال من التمييز على مستوى الولاية على الأطفال، حيث “لا يسمح للأم بالولاية على أبنائها”، وهو ما “يتعارض مع مبدأ تقاسم المسؤوليات الأسرية بين الزوجين، ولا سيما تلك المتعلقة بالأطفال، كما أن هذا المقتضى يؤثر سلباً في إعمال حقوق وواجبات الوالدين المنفصلين تجاه أطفالهما عندما تستمر الخلافات بينهما، بالإضافة إلى ذلك، فإن زواج المرأة طالبة الحضانة يُسقط عنها حق حضانة الأطفال إلا في حالات خاصة”.
ومن بين الاختلالات التي ركز عليها المجلس كذلك، الزواج المبكر، وكذلك إشكالية توزيع الأموال بين الزوجين في حالة الطلاق أو وفاة أحدهما.