شهدت مدينة خريبكة في الآونة الأخيرة تنظيم الدورة الثالثة من ملتقى الثقافة العربية لذي ننظمه منتدى الآفاق للثقافة والتنمية بتنسيق مع فرع اتحاد كتاب المغرب، من 28 الى 30 من شهر ماي الماضي، تحت شعار”مقومات الوحدة والتكامل في الثقافة المغاربية”، وذلك بمشاركة مثقفين ومفكرين واكاديميين وشعراء ومبدعين، بصموا على مشاركة رزينة، و بخاصة خلال الندوة الرئيسية التي اقميت حول موضوع شعار الدورة، وهي الندوة التي لامست قضايا عدة أجمعت كلها على ان منطقة المغرب العربي، بكل مكوناتها، مدعوة إلى وضع اليد في اليد من أجل مستقبل شعوبها الزاهر، ومن خلالها باقي الشعوب العربية التي تتوق الى مستقبل واعد ومتقدم، على كافة الأصعدة، الثقافية والاقتصادية والتنموية.
ان الملتقى في دورته الرابعة بالرغم من القهر الذي مورس عليه وخاصة من حيث انعدام الدعم، من قبل عدد من الجهات، حيث تريد جهات من اعداء النجاح لمثل هذه المبادرات الشبابية الفاعلة والمؤثرة، ان تلفظ أنفاسها في منتصف الطريق، لا لشيء الا لأن أولائك الناقمون يحلمون بهكذا انكسارات، وكبوات لا تستطيع معها أحصنة العمل الجمعوي الجاد ان تكمل الصهيل والعدو باتجاه خط الوصول.
ان منتدى الافاق من خلال هذه الدورة، أبان على انه، بالرغم من قلة ذات اليد، ومختلف المسامير المعاكسة، ذات الوخز الاليم، والأحجار الصغيرة المزعجة في الاحذية، استطاع ان يوصل بابهار الدورة إلى بر الامان، ناجحة، وهذا بشهادة ممن شاركوا من شعراء وفنانين وإعلاميين ومثقفين وفعاليات المجتمع المدني، ليتاكد من جديد ان المدينة كسبت رهان إشعاع ثقافي حقيقي، تقوده وجوه شابة طموحة، امنت ان ساعة التغيير حانت، وان دور المثقف والكاتب والأديب قد حان من اجل المساهمة الفاعلة في بصم تلك اللحظة التاريخية القوية والمنتظرة، بدل البقاء في الظل في انتظار الذي يأتي ولا يأتي.
وقد شكلت الأمسية الشعرية، التي اقميت بفضاء(بودرقة)، لحظة تاريخية، رقصت فيها الكلمة الموحية، من شعر وزجل، وابان فيها الكثير من المبدعين والمبدعات مغاربة وعرب، على علو كعبهم في مجال البوح الشعري الجميل، كما شكلت اللحظة التي تم فيها تكريم الكاتب والمسرحي إدريس الطلبي ابن المنطقة، والدكتورة العالية ماء العينين من المغرب، والكاتبة حميدة نعنع سوريا، مناسبة مهمة وراقية للاحتفاء بالرواد ورد الاعتبار لما أسدوه من خدمات جمة في المجال الأدبي والثقافي والفكري. حيث توج اللقاء بتوزيع الشواهد التقديرية على المشاركين، والذين جعلوا من الأمسية، محطة قوية لترسيخ الروح الشعرية والثقافية والإبداعية، كرهان حقيقي لتكريم الشعري في أبهى التجليات. وليتم التأكيد على الدور الكبير الذي لعبته ياسمين الحاج مديرة الملتقى ورئيسة المنتدى، ككاتبة ذات خصوصية مميزة، وجمعوية مناضلة، وشخصية تنحدر من عائلة شريفة ذات أصول عريقة وشريفة، بمناقب وفضائل جمة وفائضة، في العفة، والنقاء، والأدب والسلوك الحسن والتواضع والاحترام، والوطنية والغيرة الكبيرة على مدينتها ووطنها، والوطنية الشهمة.
وعقب نجاح الدورة، التي اجمع مختلف المشاركين فيها على أهميتها، ونجاحها، بشكل باهر، تعرضت ياسمين الحاج لوابل من الانتقادات الحادة من قبل مجهولين، بلغت حتى الإساءة إلى حياتها الشخصية وعائلتها، الأمر الذي استنكرته وشجبته مختلفة الفعاليات الثقافية والفكرية والجمعوية والمعارف والاصدقاء، محليا وإقليميا وعربيا، انتقادات أجمعت على أنها مجانية، ومجانبة للصواب والحقيقة، وتروم في العمق النيل من قدرة رئيسة المنتدى التي أكدت رفقة فريقها، على استمرار التالق والنجاح، ليس فقط في إدارة الملتقى بل في مختلف الفعاليات والأنشطة التي تنظمها على مدار السنة، غيرة منهم على ضرورة تفعيل مقومات العمل الجمعوي الجاد والهادف والمستقل والمنفتح، بعيدا كل البعد عن المزايدات والأهداف الجمعوية غير النبيلة.
كما لفتت تلك الفعاليات الى ان تلك الانتقادات ماهي الا محاولة يائسة من اجل كبح جماح ذلك الحصان الثقافي والجمعوي الاسود، الذي حقق ما لم يحققه الآخرون، وبالتالي محاولة إفشال كل مشروع جمعوي نبيل يسعى الى خلق مزيد من الإشعاع الثقافي والفكري، وترسيخ قيم الحوار والتواصل مع الآخر وتكريس الدبلوماسية الثقافية التي تخدم قضايا الفكر والثقافة، ومعاني التسامح والتعايش بين مختلف الثقافات والحضارات، ونبذ كل أشكال التطرف والعنف، وتلك هي عين العقل التي ترسخها اهداف المنتدى في كل أنشطتها.
ان العمل الجمعوي والثقافي بخريبكة، عمل نبيل يستدعي تضحيات جسام، وتضافر الجهود بين مختلف الفاعلين والفرقاء، وبالتالي، العمل جميعا من اجل تحقيق هذا الرهان وصيانة هذا المكتسب، الذي بدأ ينتعش بفعل مبادرات راقية مختلفة، ولن يتحقق ذلك الأمام، وبالتالي وضع اليد في اليد، لتحقيق مزيد من التألق والنجاح.
وفاء العموري